ليبيا تواجه تحديًا في حكمها المركزي الصارم وسط تصاعد الانقسام والتشرذم

محاولة حكم ليبيا من خلال مركزية صارمة هي وصفة مجربة للفشل والتشرذم القائم على أسس قبلية أو إقليمية يشكل طريقًا مختصرًا للهاوية، وفقًا لصحيفة “العرب” اللندنية التي تؤكد على تعقيد المعادلات السياسية في ليبيا وأهميتها الكبرى في السياسة الدولية. ليبيا، التي كانت سابقًا بوابة للحضارة والتواصل، أصبحت اليوم ساحة مفتوحة للصراعات والنفوذ الإقليمي والدولي، مما أدى إلى تضاؤل آمال وطموحات شعبها وسط مصالح متعارضة لا تنتهي.

تحليل النسيج الداخلي وأهمية التشخيص الدقيق لحكم ليبيا

تحقيق نجاح أي سياسة داخلية أو خارجية في ليبيا يتطلب فهماً عميقًا للنسيج الداخلي الليبي الذي يمثل النظام المناعي الطبيعي للدولة ضد جميع محاولات التفتيت والتشظي، وهو الأمر الذي يجب أن يشكل قاعدة لأي رؤية اقتصادية أو سياسية تسعى لإنصاف ليبيا. لا يمكن التغاضي عن الواقع المركب لليبيا الذي يتسم بالصراعات القبلية والإقليمية التي تتغذى عليها أطراف متعددة، بل يلزم إعادة بناء هذا النسيج على أسس متينة تضمن تكامل أطياف المجتمع الليبي المختلفة، وتبعد البلاد عن الخيارات الخطرة التي لا تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات.

دور السياسة الخارجية وإعادة تعريف علاقات ليبيا مع العالم

الخروج من الأزمة الليبية لا يمكن أن يكون عبر العزلة أو حلول الانكفاء، بل يتطلب صياغة جديدة للعلاقات الخارجية على أسس متكافئة وبنّاءة، حيث يتحول خطاب “العودة إلى إفريقيا” من مجرد شعارات إلى سياسة دولة حقيقية فعالة. إن استثمار ليبيا لثروتها النفطية يجب أن يتحول من لعنة تمويل الصراعات إلى محرك أساس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بعيدًا عن نزيف الموارد الذي طالما غذى الخلافات. وبهذا المنظور، سيصبح من الممكن ترتيب أولويات ليبيا بما يحقق مصالحها الداخلية والخارجية ويدعم مشروع الدولة الحديثة القادرة على التماسك.

الخيارات المستقبلية: ليبيا بين صراع الأقاليم ومنصة التكامل

يمثل الخيار المطروح لليبيا اليوم ما بين البقاء منطقة نزاع تُستغَل من قوى متعددة، أو أن تتحول إلى منصة فاعلة للتكامل الإقليمي والدولي، وهو قرار يحمل في طياته مستقبل الأمة وتوجهاتها. لا بد من تبني رؤية واضحة وموحدة تنهض بليبيا وتعيد تشكيل هويتها عبر تجاوز الانقسامات والاستقطابات الجهوية والقبلية. بالتالي، إن تحقيق التعايش السلمي والتنمية المستدامة في ليبيا مرهون بتحويل الرؤى إلى برامج عملية تدعم بناء مؤسسات قوية متماسكة تتعامل بعقلانية مع التحديات الراهنة.

  • ضرورة اعتماد نظام حكم أكثر مرونة ويحترم تنوع المجتمع الليبي
  • تعزيز الدور الدبلوماسي مع دول الجوار والقوى الكبرى على أساس المصالح المتبادلة
  • تحويل الموارد النفطية إلى رافد تنموي لفتح آفاق مستقبلية أوسع
  • التركيز على بناء مؤسسات دولة قادرة على مقاومة التفتيت والتشظي