الأمن المعرفي كرافد أساسي لتعزيز الهوية الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة

الأمن المعرفي ودوره في دعم الهوية الوطنية أصبح ضرورة استراتيجية قائمة على حماية الفكر واستقلالية المعرفة وسط التحولات الرقمية والثقافية المتسارعة، فالأمن المعرفي لا يقتصر على حفظ المعلومات فقط، بل يمتد ليشمل سلامة الفكر، وضمان استمرارية الإنتاج العلمي، وتعزيز وعي الأفراد بالمخاطر الفكرية التي تتهدد الهوية الوطنية.

مفهوم الأمن المعرفي وأهميته في دعم الهوية الوطنية

الأمن المعرفي هو القدرة التي يمتلكها المجتمع لإنتاج المعرفة، وحمايتها، واستثمارها في خدمة التنمية المستدامة، مع الحفاظ على نقاء الفكر من الانحرافات والتضليل الشديد؛ حيث يشمل هذا المفهوم:

  • حماية الهوية الثقافية من التغريب وتأمين استمراريتها.
  • تعزيز مهارات التفكير النقدي والوعي المجتمعي كسبيل لمواجهة المخاطر الفكرية.
  • تأمين البنية التحتية الرقمية التي تستضيف المعرفة وتُدار عليها.

هذا التعريف يبرز أهمية الأمن المعرفي كخط دفاع رئيسي عن الهوية الوطنية في عصر التقنية والتغيير السريع.

محاور تعزيز الأمن المعرفي ودوره في دعم الهوية الوطنية

تتعدد المحاور التي تقوم عليها استدامة الأمن المعرفي، والتي لا بد من تطويرها بشكل متكامل لتحقيق الحماية المطلوبة، ومن أبرز هذه المحاور:

1. الإنتاج العلمي والمعرفي المحلي، حيث تشير إحصائيات تقرير اليونسكو 2023 إلى أن ساهمت الدول العربية بأقل من 1% من الإنتاج العلمي العالمي؛ بالرغم من ذلك، نفذت الإمارات استثمارات فعلية برفع نسبة الإنفاق على البحث والتطوير إلى 1.3% من الناتج المحلي لعام 2024 مقارنة بـ0.9% عام 2019.

2. الأمن السيبراني المعرفي، فتكلفة الجرائم السيبرانية العالمية تجاوزت 8.4 تريليون دولار في 2024 وتتوقع زيادة إلى 10.5 تريليون عام 2025، وترسخ الإمارات مكانتها ضمن العشر الأوائل عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني.

3. الوعي الفكري والثقافي، حيث تظهر دراسة مؤسسة «البيان» أن 62% من الشباب العربي يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل رئيسي في الحصول على المعلومة، مما يزيد من احتمالية التضليل، ما دفع إلى إطلاق برامج مثل «الوعي المعرفي الوطني» لتعزيز التفكير النقدي في السعودية والإمارات.

4. السياسات التعليمية والإعلامية، فقد بدأ تطبيق مفاهيم الأمن المعرفي ضمن المناهج المدرسية في الإمارات منذ 2022، متضمناً التربية الإعلامية والتفكير النقدي وأخلاقيات المعرفة، بينما أطلقت هيئة تنظيم الإعلام مبادرة «إعلام آمن معرفياً» عام 2023 لتعزيز دور الإعلام الوطني في دعم الهوية.

المحورالمعطيات والإجراءات
الإنتاج العلميأقل من 1% مساهمة الدول العربية؛ الإمارات رفعت الإنفاق إلى 1.3%
الأمن السيبرانيتكلفة الجرائم تجاوزت 8.4 تريليون دولار؛ الإمارات ضمن العشرة الأوائل عالميًا
الوعي الثقافي62% اعتماد الشباب على وسائل التواصل؛ برامج توعية وطنية
السياسات التعليمية والإعلاميةإدماج مفاهيم الأمن المعرفي بالمناهج ومبادرات إعلامية محلية

التحديات والتوصيات لتعزيز الأمن المعرفي في دعم الهوية الوطنية

لا تزال هناك العديد من التحديات التي تواجه الأمن المعرفي في ظل التطورات اليومية، أبرزها:

  • الاعتماد الكبير على المعرفة المستوردة دون تطوير منتج معرفي وطني مستقل.
  • ضعف التنسيق بين الجهات الأكاديمية والتشريعية مما يعرقل صياغة سياسات معرفية فعالة.
  • انتشار موجات المعلومات المضللة بسرعة عبر منصات التواصل الرقمية.

لمواجهة هذه التحديات، لا بد من تبني مجموعة من التوصيات التي تحقق الاستدامة في دعم الأمن المعرفي، ومنها:

  • إنشاء مرصد وطني متخصص لرصد وتتبع التهديدات الفكرية والرقمية، لضبط حالة الوعي الكامل.
  • دعم البحث العلمي المحلي وربطه مع احتياجات الوطن لضمان استمرارية الإنتاج المعرفي.
  • تعزيز الثقافة الرقمية الآمنة عبر برامج شاملة تستهدف جميع فئات المجتمع بلا استثناء.
  • تطوير السياسات التعليمية والإعلامية لدمج الأمن المعرفي في الحياة اليومية والممارسة الأكاديمية.