كزبرة بطلة.. خضار الفن يسرق الأضواء في أشهر مسلسلات رمضان

يُشكل التمييز بين كزبرة مغني المهرجانات وكزبرة الممثل أهمية كبيرة لفهم مسار كل منهما، لا سيما أن اسمه الحقيقي أحمد بحر، وهو اسم يحمل ثقلًا أفضل بكثير من الاسم المُستعار الذي اختاره لجذب اهتمام الجمهور في سوق الفن. البداية الحقيقية لكزبرة كانت دويتو غنائي مع مغني آخر يُدعى حنجرة، مما جعلهما ظاهرة في مشهد المهرجانات، حيث تحول الفن إلى سوق يتماشى مع العرض والطلب؛ لكن ما كان يوماً يعكس موهبة حقيقية وصوتاً متميزاً، صار اليوم مجالًا للسذاجة والعبث الفني المنتشر من خلال أداءات تتسم بالعشوائية والبحث عن الريند بأي ثمن.

كيف أثر كزبرة على الساحة الفنية كمغني مهرجانات وسبب نجاحه في هذه السوق

النجاح الذي حققه كزبرة في مجال المهرجانات جاء نتيجة لحالة فنية تعاني من غياب القيم والمقاييس التقليدية، فجمهور اليوم يستهلك الأسلوب والعشوائية بدلاً من الجودة، ما جعل المنتجين يستغلون هذه الظاهرة لتسويق أصوات لا تتمتع بالموهبة الحقيقية ولا تحترم الفن. هذا السوق يشبه سوق الخضار، حيث تُقدم الأصوات الصاخبة دون اعتبار لجودة الأداء أو المضمون، والمهم هو جذب أكبر عدد من المستمعين بغض النظر عن الأثر السلبي على الذوق العام أو القيم الفنية الأصيلة. كل ما يُطرح من تفاهة يلقى قبولاً ويتحول إلى زخم حتى وإن كان غائبًا عن أساسيات الإبداع والفن الراقي.

تحول كزبرة من مغني مهرجانات إلى ممثل ومدى تأثير ذلك على مشواره الفني

شهد كزبرة مرحلة جديدة حين انتقل إلى عالم التمثيل وبرز كممثل كوميدي يحمل موهبة فطرية وشخصية محببة لدى الجمهور، حيث برع في فيلم “الحريفة” وجذب الأنظار لأدائه في مسلسل “كوبرا” بجانب محمد عادل إمام، مما أكسبه شهرة إضافية في مجال التمثيل والكوميديا. إلا أن هذه النقلة الفنية تتطلب منه تطوير مهاراته بشكل مستمر وانتهاز الفرص لتثقل موهبته، لأن النجاح في عمل أو اثنين لا يعني ضمان استمرارية التألق، خصوصًا في سوق يتطلب مزيدًا من الاحترافية والمعرفة الفنية، فإهمال التطوير قد يؤدي إلى تراجع شعبيته وتحوله إلى ظاهرة عابرة تذوي سريعًا ولا تحتفظ برصيد ثابت لدى الجمهور.

الأبعاد الفنية والاجتماعية لمشاركة كزبرة في بطولة مطلقة وتأثير ذلك على مستقبل الفن المصري

تثير فكرة منح كزبرة بطولة مطلقة في رمضان تساؤلات حول عدم عدالة الفرص في الوسط الفني؛ إذ أن هناك العديد من الموهوبين الذين يمتلكون رصيدًا كبيرًا من الخبرة وأعمالًا مؤثرة لم تُمنح لهم الفرصة بعد، وهذا قد يؤدي إلى إحباطهم وابتعادهم عن الوسط الفني، مما يضر بالمستقبل الفني المصري ككل. كما أن هذا القرار يُلقي بظلاله على كزبرة نفسه، حيث يكمن الخطر في أن فشل العمل قد يفقده الجماهيرية التي اكتسبها ويضعه في منزلة الفنانين الذين لم يعرفوا كيف يحولوا الظاهرة إلى مسيرة طويلة الأمد. يجب أن يكون سوق الفن قادرًا على تحقيق التوازن بين منح الفرص للمواهب الجديدة مع الحفاظ على جودة الأعمال وتحقيق تطور حقيقي يُرسخ مكانة الفن المصري ويجنب المجتمع عبثية الإعلام والتريندات العابرة.

يبقى كزبرة حالة فنية تستحق التوقف عندها، فهو مثال حي على التناقض بين موهبة طبيعية وتحديات سوق فني غير متزنة، حيث الجدل حول استحقاقه للفرص الفنية الكبرى لا يقل أهمية عن الحاجة لتطوير ذاته واستثمار موهبته بطريقة تعلي قيم الفن الرفيع، بعيدًا عن السطحية والعبثية التي تهيمن اليوم على جزء كبير من الساحة الفنية المصرية.