ارتفاع الأسعار.. كيف أثرت تقلبات الذهب والدولار على حياة السوريين؟

ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في سوريا إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بلغ 11600 ليرة سورية الاثنين 6 تشرين الأول، مسجلاً زيادة بمقدار 300 ليرة عن الأيام السابقة، في حين أشار مصرف سوريا المركزي إلى سعر رسمي بلغ 11000 ليرة فقط؛ بالإضافة لذلك، شهدت أسعار الذهب ارتفاعات ملحوظة، حيث تجاوز سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطاً حاجز المليون ومائتي ألف ليرة، كما سجل عيار 18 قيراطاً أرقاماً مرتفعة وفق نشرة نقابة الصاغة بدمشق.

أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي والذهب في السوق السورية وتأثيرها المباشر

تُعزى الزيادة الحادة في سعر صرف الدولار الأمريكي والذهب في السوق السورية إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية المعقدة، التي تؤثر بشكل مباشر على الأسواق المحلية، وفقاً لتصريحات الدكتور عبد الرحمن محمد، أستاذ الاقتصاد بجامعة “حماة”؛ من أبرز هذه العوامل:

• ندرة الدولار في السوق المحلية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة، وتراجع الصادرات، بالإضافة إلى ضعف جاذبية الاستثمار الأجنبي، مما أدى إلى تضخم الطلب على الدولار مع قلة المعروض.
• ارتفاع معدلات التضخم على الصعيدين المحلي والعالمي نتيجة للأزمات الاقتصادية والجيوسياسية، ما دفع بالمستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
• السياسات النقدية الدولية وانخفاض معدلات الفائدة على الدولار الأمريكي، الأمر الذي زاد الإقبال على الذهب كخيار استثماري لمواجهة مخاطر التضخم المحتملة.
• نشاط السوق الموازية المتزايد، الذي يوسع الفجوة السعرية بين السعر الرسمي والسوق السوداء، نتيجة للمضاربات والتداولات السريعة التي ترفع الأسعار بشكل حاد.

وأشار الدكتور محمد إلى احتمالية تجاوز سعر صرف الدولار حاجز 12 ألف ليرة سورية، خاصة مع استمرار نقص الدولار وارتفاع الطلب نتيجة الاعتماد الكبير على الاستيراد، إلى جانب التضخم المستمر وصعوبة ضبط سعر الصرف في ظل غياب سياسات نقدية فعالة.

تأثير السياسات النقدية على تفاوت سعر صرف الدولار الأمريكي بين السوق الرسمي والسوق السوداء في سوريا

تُعتبر الفجوة الواسعة بين السعر الرسمي لسعر صرف الدولار الأمريكي والسعر في السوق السوداء انعكاساً لضعف فعالية السياسات النقدية المعتمدة في سوريا؛ حيث يتم تحديد السعر الرسمي بمعدل أقل لا يعكس الواقع الاقتصادي الحالي، ما يفتح المجال لنمو السوق الموازية وتلبية الطلب الحقيقي على الدولار؛ ويضيف الدكتور محمد أن محدودية العرض الرسمي من الدولار تُجبر المستوردين والتجار على اللجوء للسوق السوداء للحصول على العملات الأجنبية، خاصة مع القيود المفروضة على التحويلات المالية وسحب العملات الأجنبية من المصارف الرسمية، وهذا يؤدي إلى توسيع الفجوة بين الأسعار.

يرتبط ارتفاع سعر الذهب محلياً بشكل وثيق بزيادة سعر الدولار الأمريكي، نظراً لأن تسعير الذهب عالمياً يتم بالدولار، فتعتبر شراؤه وسيلة للحفاظ على القيمة مع تدهور العملة المحلية، مما يفاقم موجة ارتفاع الأسعار.

الحلول الاقتصادية المقترحة للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي وتعزيز الليرة السورية

تتصاعد الدعوات من قبل الخبراء الاقتصاديين لتبني إصلاحات جذرية من أجل مواجهة التدهور المستمر في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، وتعزيز الاقتصاد الوطني؛ وتتركز الإجراءات المقترحة على عدة محاور رئيسة تشمل:

• تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتوفير العملات الأجنبية بدلاً من فقدانها نتيجة الاستيراد المكثف.
• تحفيز جذب الاستثمارات الأجنبية لزيادة تدفق العملات الصعبة ودعم الاقتصاد الوطني.
• تبني سياسات نقدية مرنة وشفافة تسهم في استقرار سعر الصرف وتقليص الفجوة بين السوق الرسمي والسوق السوداء.

يبقى ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء السورية نتيجة لتشابك عدة عوامل، من بينها ضعف التدخل الرسمي ونقص الدولار، وزيادة الطلب المتزايد بفعل الاعتماد الكبير على الاستيراد، بالإضافة إلى غياب سياسات نقدية فعالة، مما يعقد المشهد الاقتصادي ويؤثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين ويزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية.

يرتبط ارتفاع أسعار الذهب والدولار محلياً بالصراعات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، خاصة في ظل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، الذي دفع سعر الذهب العالمي إلى أعلى مستوياته، قرابة 4000 دولار للأونصة، مع زيادة الطلب بنسبة 1.5% نتيجة تأجيل صدور بيانات سوق العمل الأمريكي، مما زاد من حالة الغموض والقلق الاقتصادي؛ وهذه العوامل مجتمعة تدفع أسعار الدولار والذهب في السوق السورية إلى مواصلة مسارها التصاعدي، مع انعكاسات كبيرة على الاقتصاد الوطني وظروف المواطنين المعيشية.