الوفاء والاحتفاء.. تكريم مميز لأهل العطاء في جريدة الرياض

يُعد الاحتفال باليوم العالمي للمعلم في 5 أكتوبر من كل عام مناسبة مهمة لتكريم المعلمين وإبراز دورهم الحيوي في بناء الأجيال والنهوض بالمجتمعات؛ فقد اعتمدت منظمة اليونسكو هذا اليوم إيماناً بأهمية وضع معايير واضحة لوضع المعلمين وتعزيز التعليم المستمر لهم، وهو ما توفر فرصة ذهبية للمملكة عبر وزارة التعليم للاحتفاء بالمعلم السعودي وتقديم برامج وفعاليات متنوعة تعكس الوفاء لأهل العطاء وتجسد الدور المحوري للمربين في المسيرة التعليمية.

الوفاء لأهل العطاء وأهمية يوم المعلم العالمي

تشارك المملكة بفعالية في الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم، وهو يوم تم تحديده منذ عام 1994م بمبادرة من منظمة اليونسكو لتسليط الضوء على إنجازات المعلمين؛ حيث قام هذا اليوم على توصية منظمة العمل الدولية واليونسكو عام 1966 التي استهدفت تحسين وضع المعلمين ووضع معايير مهنية لهم، بالإضافة إلى تعزيز سياسات التعليم والتدريب والتعليم المستمر. وتُعد مهنة التعليم من المهن السامية التي تترك أثراً مستداماً في الحياة وتساهم بصورة مباشرة في بناء المستقبل وتحقيق الذات. وضمن هذه الرؤية، تنشط المدارس والجامعات في المملكة بتنظيم معارض ومحاضرات وندوات وأمسيات ثقافية، إلى جانب إطلاق حملات اجتماعية عبر وسائل التواصل لتعزيز تقدير المعلمين وتشجيع المجتمع على المشاركة في دعمهم، مما يعكس حرص الوزارة والمؤسسات التعليمية على تثبيت مكانة المعلم في نفوس الطلاب وتعزيز قيم الاحترام والعرفان تجاههم.

تاريخ التعليم في السعودية وعهد المؤسس عبدالعزيز

قبل توحيد المملكة، كان التعليم محدوداً ومعتمداً في مجمله على المساجد والكتاتيب، حيث اقتصرت المناهج على حفظ القرآن وتعاليم الدين ونحو القراءة والكتابة على ألواح وتقنيات تقليدية، وكان تعيين المعلمين غير منظم، إذ كان الأهالي يعينون “المطوّع” أو “الملا” لتعليم أبنائهم مقابل أجر رمزي. أما في الحرمين الشريفين، فتولى العلماء التدريس بدعم من الأوقاف وأهل الخير. ومع بداية عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- شهد التعليم نهضة نوعية بانطلاق التعليم النظامي، حيث تأسست مديرية المعارف عام 1344هـ، وصارت التعليمات والتعيينات للمعلمين منظمة ورسمية، مع إنشاء أولى المدارس الحكومية مثل مدرسة الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة عام 1345هـ، التي هدفت إلى نشر العلم والمعرفة بين أفراد المجتمع وتنمية الوعي الديني والوطني. كما تأسست وزارة المعارف عام 1373هـ لتشرف على التعليم العام، ورئاسة تعليم البنات في 1380هـ حتى دمجها عام 1423هـ، وشهدت المملكة توسعاً ملحوظاً في إنشاء المدارس ومناهجها، مع إرسال بعثات علمية لتأهيل المعلمين وتعزيز النهضة العلمية، ما أسس لقاعدة تعليمية حديثة ترتكز على خدمة الإنسان وبناء الوطن.

برامج تطوير المعلم السعودي ودوره في رؤية 2030

شهد المعلم السعودي تطورات نوعية خلال العقود الأخيرة، فقد تحول من منفذ مباشر للمحتوى إلى قائد تعلم يحمل مسؤولية تطوير العملية التعليمية مهنياً وفق معايير وطنية وعالمية؛ إذ تم تطبيق نظام الترخيص المهني للوظائف التعليمية عبر هيئة تقويم التعليم والتدريب التي توزع الرخص وفق مستويات متدرجة تربط بين التطوير والترقية والجودة. كما تستند التطورات المهنية إلى برامج تطوير ممنهجة تشمل ورش عمل ودورات معتمدة تعتمد نتائجها في تحسين إعداد المعلم أثناء الخدمة. ولعبت برامج الابتعاث والتوأمة الدولية دوراً محورياً في تعزيز كفاءة المعلمين، كالابتعاث المتخصص “إفاد” وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الذي أتاح إعداد أكثر من 150 ألف مبتعث منذ 2005، ما أضفى على الميدان التعليمي خبرات وممارسات حديثة ساهمت في إحداث تغييرات منهجية واستراتيجيات تدريس مبتكرة، وتحسين إدارة الصف وبناء مجتمعات تعلم مهنية داخل المدارس. بالإضافة إلى ذلك، ربطت المملكة بين ثقافة القياس والتحسين المستمر والبيانات التعليمية عبر تقييمات وطنية ودولية لتوجيه الموارد وتطوير المدارس الأقل أداءً، مع خطط لتعزيز الربط بين الترخيص والترقي الوظيفي ومنح الحوافز للمعلمين المتفوقين؛ ما يجعل المعلم السعودي اليوم حجر الأساس في نجاح رؤية 2030، ومثالاً على المهنية والاحترافية والابتكار في التعليم.