3,900 دولار.. الذهب يصل إلى أعلى مستوى تاريخي مع ارتفاع غير مسبوق في أسعاره

أسعار الذهب تواصل تحطيم أرقامها القياسية وسط هبوط الدولار الأمريكي وترقب الأسواق لمسار الفائدة الأمريكية، حيث شهدت السوق الأوروبية ارتفاعًا كبيرًا للذهب لليوم الخامس على التوالي، مقتربة من مستوى 3,900 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ، بدعم انخفاض حاد في قيمة الدولار نتيجة تأثير الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، وتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

مستوى أسعار الذهب اليوم في ظل تحطيم الأرقام القياسية

ارتفعت أسعار الذهب اليوم بنسبة 0.65%، مسجلة أعلى مستوى تاريخي جديد عند 3,884.17 دولار للأونصة، مقارنة بمستوى افتتاح التعاملات عند 3,859.01 دولار، مع أدنى مستوى عند 3,853.48 دولار، وذلك بعد زيادة متواصلة في قيمته خلال الأيام الماضية. حيث حقق المعدن الأصفر مكاسب متتالية لأربعة أيام قبلها بارتفاع 0.7%، مما يدل على تأثير قلق الأسواق من الإغلاق الحكومي في أمريكا على أسعار الذهب. وتُعد مكاسب الذهب خلال شهر سبتمبر الأبرز منذ أغسطس 2011، مع ارتفاع تجاوز 12%، وهو ثاني شهر على التوالي يسجل مكاسب قوية. يُعزى ذلك إلى الطلب المُتصاعد على الذهب كملاذ آمن بفعل المخاوف من الاستقرار المالي في أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية واحتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية.

هبوط الدولار الأمريكي وتأثير الإغلاق الحكومي على سوق العملات

شهد مؤشر الدولار الأمريكي تراجعًا بنسبة 0.45% ليصل إلى أدنى مستوياته خلال أسبوع عند 97.48 نقطة، متعرّضًا للخسارة للجلسة الرابعة على التوالي، نتيجة خسائر مستمرة في قيمة العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الأجنبية. جاء هذا الانخفاض عقب إغلاق الحكومة الأمريكية بعد منتصف الليل بسبب فشل الكونغرس في إقرار مشاريع قوانين التمويل، بعد عدم تحقيق اتفاق مؤقت في اللحظات الأخيرة بين ترامب والحزبين الجمهوري والديمقراطي. حذر الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” الديمقراطيين من أن هذا الإغلاق قد يدفع الإدارة لاتخاذ إجراءات لا يمكن التراجع عنها، منها إغلاق برامج مهمة تخص الحزب الآخر، ما زاد من حالة عدم اليقين السياسي وتأثيرها السلبي على الدولار.

تأثير تقرير سوق العمل وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب

كما يشهد سوق المال حالة من الترقب الحذر للبيانات القادمة عن سوق العمل الأمريكي، حيث أشار تقرير فرص العمل المتاحة لشهر أغسطس إلى نمواً طفيفاً في عدد فرص العمل إلى جانب تباطؤ في التوظيف، ما يدل على تراجع قوة السوق وتمهيد الطريق لإعادة تسعير احتمالات خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. أداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME ساهمت في رفع تقديرات احتمال خفض سعر الفائدة في اجتماع أكتوبر من 90% إلى 95%، في مقابل انخفاض توقعات تثبيت السعر من 10% إلى 5%. وللتحقق من هذا السيناريو، تتابع الأسواق عن كثب صدور المزيد من البيانات المرتقبة، التي تشمل:

• وظائف الشركات الخاصة الأمريكية
• طلبات إعانة البطالة الأسبوعية يوم الخميس
• تقرير الوظائف لشهر سبتمبر يوم الجمعة

من جهته، يرى “نيكولاس فرابيل”، الرئيس العالمي للأسواق في مؤسسة إيه بي سي ريفاينري، أن الذهب يستفيد بشكل كبير من ضعف الدولار والوضع السياسي الغامض المرتبط بالإغلاق الحكومي، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين الجيوسياسي العالمي. وأكد محلل المعادن الثمينة في دويتشه بنك “مايكل هسويه” أن توقّع نهاية فورية لهذا الارتفاع صعب، مع توقع استمرار قوة الذهب على المدى القصير.

علاوة على ذلك، ظهرت استثمارات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب مثل صندوق SPDR Gold Trust، حيث ارتفعت حيازات الذهب بمقدار 1.15 طن متري خلال يوم واحد، في ثالث زيادة متواصلة، ليصل الإجمالي إلى 1,012.88 طن متري، وهو أعلى مستوى منذ يوليو 2022، مما يعكس استمرار تدفق السيولة تجاه الذهب كمخزن للقيمة في ظل هذه الظروف الاقتصادية والسياسية المتغيرة.

أسعار الذهب تواصل تحطيم أرقامها القياسية في ظل تقلبات السوق الحالية، التي تتشابك فيها عوامل ضعف الدولار وهواجس الإغلاق الحكومي وتأثيرات تقرير سوق العمل، ما يعزز الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن، ويجعل من متابعة تحركات الأسعار والبيانات الاقتصادية أمرًا حاسمًا لتوقعات المستثمرين والمضاربين خلال الفترة المقبلة