3,900 دولار.. الذهب يصل إلى قيمة قياسية وسط موجة صعودية متواصلة

حقق الذهب أكبر مكسب شهري منذ عام 2011 وسط تراجع ملحوظ في أداء الدولار الأمريكي في أسواق الصرف العالمية، حيث تتجه الأنظار إلى أدلة واضحة حول سياسات أسعار الفائدة الأمريكية التي ستحدد مسارها في عام 2025. يأتي ارتفاع أسعار الذهب مدفوعًا بزيادة الطلب الاستثماري والتوترات الاقتصادية والجيوسياسية التي تعزز من مكانته كملاذ آمن ومفضل للمستثمرين.

ارتفاع أسعار الذهب وسط تراجع الدولار وتأثير الإغلاق الحكومي الأمريكي على الأسواق

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا مستمرًا في الأسواق الأوروبية على مدار أربعة أيام متتالية، مقتربة من مستوى قياسي عند 3,900 دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخها، مسجلة بذلك أكبر مكاسب شهرية منذ عام 2011. جاء هذا الارتفاع مدعومًا بتراجع قيمة الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات العالمية، حيث تأثرت بشكل مباشر بمخاوف إغلاق الحكومة الأمريكية وتوقعات بخفض أسعار الفائدة مرتين خلال العام الحالي. أظهرت البيانات أن أسعار الذهب سجلت ارتفاعًا بنسبة 1.0% لتصل إلى 3,871.78 دولار للأونصة بعد افتتاح التداول عند 3,833.30 دولار، مع تذبذب بين أدنى مستوى عند 3,825.36 دولار. كما ارتفعت أسعار المعدن الأصفر بنسبة 1.95% عند إغلاق السوق يوم الاثنين، مدفوعة بمخاوف الإغلاق الحكومية في الولايات المتحدة التي ألقت بظلالها على الأسواق المالية وعقود الذهب الآجلة.

تراجع الدولار الأمريكي وتأثير توقعات أسعار الفائدة على ارتفاع الذهب

واصل مؤشر الدولار الأمريكي خسائره لليوم الثالث على التوالي بانخفاض نسبته 0.25% يوم الثلاثاء، مسجلًا أدنى مستوى له خلال أسبوع، معبرًا عن تراجع مستمر في أداء العملة الأمريكية أمام العملات العالمية. جاء هذا التراجع جزئيًا بسبب احتمالات إغلاق الحكومة الأمريكية، إضافة إلى توقعات متزايدة بخفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في اجتماعات أكتوبر وديسمبر المقبلتين. شهد سبتمبر ارتفاعًا لأسعار الذهب بحوالي 12.3%، مما يشير إلى قرب تسجيل المعدن الثمين ثاني مكسب شهري متتالي وهو الأكبر منذ عام 2011.
في سياق السياسة النقدية، خفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر، وهي أول خطوة خفض منذ ديسمبر 2024، مع تلميحات واضحة من البنك المركزي إلى احتمالية المزيد من التيسير النقدي في المستقبل. تتوقع تحليلات الفيدرالي خفضًا إضافيًا بمقدار 50 نقطة أساس في 2025، يليها خفض 25 نقطة أساس في عام 2026، ثم خطوة مماثلة في 2027. أداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME تُظهر احتمالًا بنسبة 90% لخفض سعر الفائدة في أكتوبر، مقابل 10% فقط للإبقاء على السعر ثابتًا.

توقعات أسعار الذهب المستقبلية مع صدور البيانات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية

تتابع الأسواق على مدار الأسبوع صدور تقارير هامة عن سوق العمل الأمريكي، بهدف إعادة تقييم فرص خفض أسعار الفائدة في أكتوبر. من بين هذه البيانات، تقرير “فرص العمل المتاحة” لنهاية أغسطس، يليها بيانات الأربعاء لوظائف القطاع الخاص، وطلبات إعانة البطالة الأسبوعية يوم الخميس، ثم تقرير الوظائف لشهر سبتمبر يوم الجمعة، مما يوفر مؤشرات حيوية لتوجيه قرارات الاحتياطي الفيدرالي والسياسات النقدية الأميركية.
من وجهة نظر الخبير تيم ووترر، كبير خبراء السوق في “كيه سي إم تريد”، فإن الإغلاق الحكومي المحتمل يثير حالة من الغموض تعزز الطلب على الذهب وتسارع مكاسبه؛ إذ يرى أن بلوغ سعر 4,000 دولار للأونصة بحلول نهاية العام أصبح هدفًا واقعيًا بفضل انخفاض أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية المستمرة. ويُظهِر متابعو حيازات الذهب من خلال صندوق SPDR Gold Trust، أحد أكبر صناديق المؤشرات المدعومة، المؤشرات التالية:

• زيادة يومية في الحيازات يوم الاثنين بحوالي 6.01 طن متري
• الإجمالي الحالي للحيازات يبلغ 1,011.73 طن متري
• مستوى الحيازات الأعلى منذ 15 يوليو 2022

يتضح من ذلك أن أسعار الذهب مستمرة في تسجيل مستويات قياسية جديدة، مدعومة بعوامل فنية وتسويات سوقية تعكس ديناميكية عالية وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، مما يعزز توجهات المستثمرين نحو الذهب كخيار استثماري يحظى بالثقة والاستقرار.