تراجع الدولار.. انخفاض العملة الأمريكية مع تصاعد القلق من إغلاق الحكومة وتأثير بيانات الوظائف الجديدة

الدولار الأمريكي يشهد تراجعًا ملحوظًا وسط مخاوف توقف أنشطة الحكومة الأمريكية وترقب بيانات الوظائف غير الزراعية التي تحدد مسار أسعار الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، ما يؤثر بشكل مباشر على تحركات العملات العالمية وأسعار الصرف، إضافةً إلى تأثيره الواضح على الأسواق المحلية مثل مصر.

شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا أمام سلة من العملات الرئيسية اليوم الاثنين، نتيجة تصاعد المخاوف من توقف أنشطة الحكومة الأمريكية، بالإضافة إلى الترقب الحذر لهاوية بيانات الوظائف غير الزراعية المرتقبة نهاية الأسبوع، التي قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد توجهات الفيدرالي الأمريكي نحو أسعار الفائدة؛ ما دفع المتعاملين إلى إعادة تقييم مراكزهم. جاءت هذه التراجعات بعدما حقق الدولار سلسلة مكاسب الأسبوع الماضي بدعم من بيانات اقتصادية قوية، منها ارتفاع مؤشرات الإسكان والسلع المعمرة، ومراجعات إيجابية للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني، إلى جانب تراجع كبير في طلبات إعانة البطالة، مما يعزز صورة قوة سوق العمل الأمريكي. مقابل ذلك، أدت تلك البيانات إلى خفض توقعات خفض أسعار الفائدة، حيث يترقب المستثمرون خفضًا بحوالي 42 نقطة أساس بحلول ديسمبر، وما مجموعه 105 نقاط أساس بنهاية 2026، وهو ما يقل بنحو 25 نقطة عن التوقعات السابقة منتصف سبتمبر.

بنهاية تعاملات اليوم، انخفض الدولار الأمريكي بنسبة 0.6% أمام الين الياباني ليصل إلى 148.585 ين، كما تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.2% مسجلاً 97.90 نقطة، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة 0.5% الأسبوع الماضي، بينما ارتفع اليورو مقابل الدولار بنسبة 0.3% ليصل إلى 1.1734 دولار. على الصعيد المحلي في مصر، شهد الدولار تراجعًا في البنوك وكسر حاجز 48 جنيهًا، متأثرًا بالتقلبات العالمية للعملة الأمريكية.

تتزامن هذه التقلبات في سعر الدولار الأمريكي مع أجواء سياسية ومالية متوترة، حيث من المتوقع أن تنتهي فترة التمويل الحكومي منتصف ليلة الثلاثاء، مما يهدد بإغلاق جزئي للحكومة الأمريكية اعتبارًا من الأربعاء، مع انطلاق السنة المالية الجديدة 2026؛ ويأتي ذلك في ظل سعي الرئيس دونالد ترامب لعقد اجتماع عاجل مع مسؤولي الكونغرس لمحاولة تدارك الأزمة. ويتجه أنظار المستثمرين والمراقبين إلى صدور تقرير الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة، الذي يحظى بأهمية كبرى، لتأثيره المباشر في تحديد سياسة الفائدة المستقبلية للفيدرالي الأمريكي.

العوامل المؤثرة على سعر الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية

يخضع سعر الدولار الأمريكي لتأثيرات متعددة، أبرزها:

• البيانات الاقتصادية الأمريكية التي تشمل الناتج المحلي الإجمالي، مؤشرات الإسكان، السلع المعمرة، وطلبات إعانة البطالة، حيث تدعم البيانات القوية الدولار وتضغط عليه البيانات الضعيفة.
• سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي المتعلقة بأسعار الفائدة، إذ يؤثر توقع رفع أو خفض الفائدة بشكل مباشر على جاذبية الدولار لدى المستثمرين.
• التوترات السياسية والمالية الداخلية مثل الإغلاق الحكومي أو عدم إقرار الميزانية، التي تضعف ثقة الأسواق بالاقتصاد الأمريكي وتؤدي إلى تراجع الدولار.
• البيانات المنتظرة، وعلى رأسها تقرير الوظائف غير الزراعية، الذي يمثل معيارًا رئيسيًا لاتخاذ قرارات السياسة النقدية.
• أداء العملات المنافسة التي تتقلب حسب عواملها الاقتصادية والسياسية الخاصة، ما ينعكس على سعر صرف الدولار.

تأثير التوترات السياسية والمالية على أسعار الدولار الأمريكي

تشكل التوترات السياسية والمالية داخل الولايات المتحدة عاملًا رئيسيًا في تحركات الدولار الأمريكي، فالأحداث مثل تهديد الإغلاق الحكومي تؤدي إلى فقدان الثقة في الاستقرار الاقتصادي، وهذا ينعكس سلبًا على العملة؛ إذ يخشى المستثمرون من توقف الخدمات الحكومية وتأثيراتها على النمو الاقتصادي. وتبرز أهمية هذه التوترات خصوصًا مع اقتراب نهاية فترة التمويل الحكومي، ما يجعل الأسواق حذرة تجاه تحركات الدولار واستعدادها لأي تقلبات ناجمة عن المفاوضات بين البيت الأبيض والكونغرس. يجدر أيضًا ذكر أن هذه المؤثرات تعمل جنبًا إلى جنب مع المؤشرات الاقتصادية، التي تلعب دورًا مضادًا أو محفزًا حسب تطورها، مما يجعل تقييم سعر الدولار الأمريكي عملية معقدة تتطلب متابعة دقيقة للعوامل السياسية والاقتصادية.

توقعات سعر الدولار الأمريكي وتأثير بيانات الوظائف غير الزراعية

يتابع المستثمرون صدور تقرير الوظائف غير الزراعية باعتباره مؤشرًا حاسمًا لتوجهات سعر الدولار الأمريكي، لأنه يعكس حالة سوق العمل ويؤثر بشكل مباشر على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. هذه البيانات يمكن أن تغير التوقعات الحالية بشأن خفض أو رفع الفائدة، وبالتالي تتحكم في تدفق رؤوس الأموال نحو الدولار. كما أن تحركات العملات المنافسة، مثل اليورو والين، تضيف طبقة أخرى من التأثير على سعر الدولار، حيث يشكل تغير قيمة هذه العملات فرصًا ومخاطر تتطلب مراقبة مستمرة. لذلك، من المتوقع أن يشهد سعر الدولار تقلبات خلال الأيام القادمة بالتزامن مع صدور هذه البيانات والقرارات المرتبطة بها.