أوهام ضوئية.. كيف تكشف السر الغامض للنجوم النيوترونية؟

أسرع ظواهر تبدو وكأنها تتجاوز سرعة الضوء تكشف عن أسرار الكون العميقة، فهي ليست حركة مادية تتحدى قوانين الفيزياء بل ظواهر بصرية تُعرف بالأوهام الضوئية الكونية؛ حيث يمكن لأنماط من الضوء أن تظهر وكأنها تسير بسرعة تفوق سرعة الضوء نفسها، لكن في الواقع تكون هذه الحركة سوى تغيير في مواضع وهج أو نقاط ضوء تنتقل عبر مساحة ما، دون أن تتحرك المادة بسرعة أعلى من الحد العالمي للسرعة.

كيف تفسر أسرع ظواهر تبدو وكأنها تتجاوز سرعة الضوء في الفضاء؟

تفرض قوانين الفيزياء أن سرعة الضوء هي حد السرعة القصوى لأي جسم ذي كتلة، فلا يمكن لمادة أن تسير بخلاف ذلك؛ لكن العلماء يراقبون باستمرار انفجارات و«بقعاً ضوئية» تبدو أسرع من الضوء وتتحدى هذه القاعدة. هذه الظواهر، التي كانت سابقًا تعد مجرد تشويش في البيانات الفلكية، تُرى اليوم كنافذة لفهم أجسام غامضة وعنيفة مثل النجوم النيوترونية وانفجارات أشعة غاما. ولتفسير هذا التناقض، نستخدم تجربة فكرية بسيطة توضح السر؛ فعند تسليط شعاع ليزر على سطح القمر وتحريكه بسرعة فائقة، تتحرك النقطة الضوئية بسرعة تفوق سرعة الضوء نفسها عبر السطح، دون أن يكون هناك جسم مادي يتحرك بهذه السرعة، ما يعني أن الأوهام الضوئية قد تُخدعنا بأسرع مما نتصور.

الأوهام الضوئية الكونية ودورها في دراسة النجوم النيوترونية وانفجارات أشعة غاما

يركز عالم الفيزياء الفلكية روبرت نيميروف على توضيح أن هذه الظواهر لا تعني تحطيم قوانين الفيزياء، بل أن السر يكمن في حركة نقاط الضوء الظاهرة، وليس حركة المادة. بهذه الطريقة، تظهر ظواهر مثل انفجارات أشعة غاما، الناتجة عن انهيار نجوم عملاقة أو اندماج نجوم نيوترونية، كمظاهر تتضمن إطلاق طاقة هائلًا. كما تشمل ظواهر أخرى المستعرات العظمى التي تمثل نهاية حياة بعض النجوم، وتدفقات النفاثات التي تطلقها الثقوب السوداء بسرعات تقترب من سرعة الضوء. هذه الظواهر تعطي بُعدًا جديدًا للدراسة، حيث أنها تثير بفهم كيفية ظهور ظلال أو بقع ضوئية تنتقل بأبعاد قد تبدو مستحيلة.

دور الصدى الضوئي والأوهام العابرة في كشف أسرار الانفجارات الكونية

في أغلب الحالات، يظهر ما يُسمى بـ«الصدى الضوئي» للانفجارات الكونية منتشراً عبر السحب المحيطة من الغاز والغبار؛ لكن ضوء هذه الظواهر يصل إلى التلسكوبات من زوايا غير عمودية، ما يُنتج وهماً بأن هذه الواجهات الضوئية تتوسع بسرعة فائقة تفوق سرعة الضوء الحقيقية. دراسات نيميروف تشير إلى أن تحليل هذه الأوهام العابرة يُمكن أن يكشف تفاصيل دقيقة حول توزيع الغاز والغبار حول النجوم المنهارة، وهي معلومات يصعب الحصول عليها بطرق أخرى. يقترح نيميروف وجود نوع جديد من الأوهام التي تبدو وكأنها تتحرك عبر الزمن نفسه، ما قد يسهم في فهم بعض الظواهر الأكثر غموضًا في الكون.
مع تشغيل مراصد حديثة مثل مرصد فيرا سي. روبين، المجهز لمسح السماء بوتيرة متسارعة، يتوقع الخبراء ازدياد عدد رصد هذه الظواهر بشكل ملحوظ، مما يمنحنا فرصة فريدة لفهم ديناميكيات الانفجارات الكونية الضخمة وأعقد عمليات الفضاء.

• الفرق بين حركة المادة وحركة نقطة الضوء
• أهمية انفجارات أشعة غاما والمستعرات العظمى في دراسة الكون
• كيفية استخدام الصدى الضوئي لكشف توزيع المادة حول النجوم المنهارة
• مساهمة المراصد الحديثة في توثيق الظواهر الضوئية الكونية

تعلمنا هذه الظواهر أن السرعة الفائقة التي نراها ليست خرقًا لقوانين الفيزياء ولا إعادة كتابة لهذه القواعد، بل هي نتاج تفاعل الضوء بطرق معقدة مع البيئات المحيطة في الفضاء. تكشف الأوهام الضوئية الكونية هذه الأسرار المهمة، والتي تسلط الضوء على التفاعلات العميقة التي تؤثر في تكوين الكون، لتزيد من دهشتنا وتفتح آفاقًا جديدة لاستكشاف أسرار الكون بعيون أكثر تطورًا ودقة.