آبار جافة.. حاسوب متطور يكشف خبايا ملايين البراميل المفقودة من النفط

السبب وراء جفاف آبار النفط مبكراً رغم احتوائها على نفط مخزون محاصر داخل صخور معقدة، أصبح اليوم مفهوماً بفضل تحليل الحاسوب الخارق الذي حل اللغز الكامن خلف ذلك. يكشف هذا التفسير الجديد عن إمكانية الاستفادة من ملايين البراميل من النفط المختزن دون ضخ، والتي توشك على أن تُعتبر مفقودة دون معرفة حقيقتها الحقيقية.

تفسير جفاف آبار النفط مبكراً عبر تحليلات الحاسوب العملاق

عادةً ما تثير ظاهرة جفاف آبار النفط مبكراً حيرة شركات النفط بسبب تناقض نتائج الحفر مع القياسات الزلزالية التي تشير إلى وجود نفط. استند فريق جامعة ولاية بنسلفانيا إلى الحاسوب العملاق “بريدجز-2” من مركز PSC لتحليل بيانات الزلازل التقليدية، مضيفاً بُعدين جديدين هما البُعد الزمني وسعة الإشارة الصوتية؛ ما مكّن من اكتشاف تراكيب صخرية مخفية داخل الخزانات النفطيّة تمنع تدفق النفط رغم وجوده، ما يعني أن الاحتياطيات ليست منضبة بل محاصرة ضمن هذه التراكيب. ويعمل الفريق حالياً على توسيع نطاق تحليلاتهم لتشمل حقول نفطية بأحجام أكبر وأكثر تعقيداً حسب تقرير ساينس ديلي.

كيف تفسر حركة الصوت عبر الأرض وجود نفط محاصر في الآبار الجافة؟

تعتمد تقنيات تحديد مواقع النفط على تحليل حركة الصوت عبر طبقات الأرض، حيث توضح سرعة الصوت حجم احتياطي النفط تقريبياً. ترتبط سرعة الصوت بتكوين الصخور، إذ تنتقل موجات الصوت أسرع في الصخور الصلبة مقارنةً بالصخور المشبعة بالنفط؛ ما يسمح بخريطة ثلاثية الأبعاد تبين وجود النفط تحت الأرض. إلا أن مفارقة الجفاف المبكر للآبار تحدث رغم تمكن هذه التقنيات من التعرف على النفط، وهو ما دلّل عليه اختبار بيانات بحر الشمال التي أظهرت أن آباراً اعتُبرت نشطة استُنفد نفطها بعد فترة قصيرة من الحفر، مما أثار التساؤل حول مكان النفط الحقيقي ودليل تعقيد جيولوجيا الخزان.

تتطلب هذه الدراسات بيانات أكبر وأدق ومعالجة حوسبية عالية، حيث استخدم الفريق حاسوب “بريدجز-2” بفضل تمويل من مؤسسة العلوم الوطنية NSF والربط عبر شبكة ACCESS، لتجاوز القيود التقنية المرتبطة بتخزين وتحليل كميات هائلة من البيانات الجيولوجية والصوتية.

النفط تحت الأرض: تراكيب صخرية وتكنولوجيا الرسم الرباعي الأبعاد لاكتشاف الاحتياطيات المخفية

في الواقع، لا يتواجد النفط مترسباً في برك تحت الأرض، بل يكون متوزعاً ومشبّعاً داخل الصخور المسامية، التي تؤثر بطبيعتها على مرور موجات الصوت؛ فالصخور الصلبة تنقل الصوت بشكل أسرع من الصخور المشبعة، ما يتيح تتبع مواقع النفط عبر تأثيره في إبطاء سرعة الصوت. رغم تطور الخرائط ثلاثية الأبعاد، ظهرت مشكلة عدم اكتمال التصوير، إذ خلص فريق الباحثين إلى ضرورة الالتقاط في أزمنة متعددة لتكوين صورة رباعية الأبعاد تضيف عنصر الوقت إلى البيانات المكانية، ما يوفر فهماً أدق لهياكل التجمعات النفطية.

كما يشمل تطور التحليل إدخال سعة الإشارة ضمن الخصائص الزلزالية، حيث يقيس العلماء مدى تأثير النفط في خفض شدة الصوت، لتساعد هذه البيانات على التعرف بشكل أفضل على الطبقات الصخرية التي يمكن أن تكون عائقاً أمام ضخ النفط.

  • فحص بيانات الصوت والزمن لتحليل الحقول النفطية
  • استخدام الحوسبة الفائقة لمعالجة بيانات ضخمة ومتنوعة
  • تطوير خرائط رباعية الأبعاد تجمع بين المواقع الزمنية والمكانية
  • تقييم تأثير التراكيب الصخرية المخفية على تدفق النفط
الجانبالتقنية/النتيجة
الأداة المستخدمةحاسوب “بريدجز-2” التابع لمركز PSC
البيانات المحللةالزلازل التقليدية مع أبعاد زمنية وسعة الإشارة
التحديتراكيب صخرية مخفية تعيق تدفق النفط
الحل المقترحتوصيف أعمق للطبقات وصور رباعية الأبعاد متعددة التواريخ

أسفرت هذه التحليلات المتعمقة عن نتائج قيّمة أبرزت أن الكثير من الصور السابقة التي استندت على زمن المرور الصوتي فقط أغفلت وجود هياكل صخرية مهمة داخل الاحتياطيات النفطية، فقد وجدت طبقات صخرية قوية داخل الخزانات، لا تؤثر على سرعة الصوت بشكل يسمح برصدها، لكنها تحجز النفط من أن يصل إلى الآبار، ما يفسر جفاف بعضها رغم استمرار وجود النفط. ويُعتبر الحل في مثل هذه الحالات بسيطًا، وهو الحفر أعمق قليلاً، مما يتيح استخراج باقٍ من النفط المختزن، وأعلن الفريق عن نتائجهم في مجلة “جيوفيزياء” في سبتمبر 2024، مع توسيع واضح للنتائج المتوقعة في إصدار أبريل 2025.