ارتفاع الأسعار.. أسباب وتداعيات زيادة تكلفة السلع رغم استقرار سعر الدولار

ارتفاع أسعار السلع في لبنان وتأثيره على القدرة الشرائية

يُعاني اللبنانيون يوميًا من ارتفاع أسعار السلع الذي أصبح خبرًا مألوفًا ومتكررًا، مما يطرح السؤال الأبرز: لماذا تستمر أسعار السلع في الارتفاع رغم ثبات سعر الصرف؟ هذا التساؤل يعكس واقعًا صعبًا يعيش فيه أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، مع أجور لا تتجاوز 300 دولار شهريًا، ما يجعل تأمين الاحتياجات الأساسية تحديًا كبيرًا.

أسباب ارتفاع أسعار السلع في لبنان في ظل ثبات سعر الصرف

يوضح الباحث محمد شمس الدين أن زيادة أسعار السلع في لبنان سجلت معدلًا وسطيًا يبلغ حوالي 25% خلال العام الماضي، مع تفاوت هذه الزيادة بين مختلف المنتجات، وهذا الارتفاع ناجم عن عوامل عدة متشابكة. من أبرز هذه العوامل الحرب في المنطقة وتأثير هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، التي أجبرت الشركات على تغيير مسارات الشحن، ما تسبب في ارتفاع كلفة النقل إلى أضعاف التكاليف الأصلية حسب نوع وحجم البضاعة. كذلك، أثر تراجع الإنتاج العالمي، وارتفاع تكاليف التأمين وأجور النقل، بالإضافة إلى الضرائب الحكومية، بشكل مباشر على رفع أسعار السلع.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تراجع الاعتماد على القروض البنكية، وتحوّل الاستيراد نحو من يمتلك السيولة النقدية فقط، إلى ظهور احتكار بعض السلع بيد عدد محدود من التجار، مما سمح لهم بالتحكم في الأسعار وآليات التوزيع، مما يفاقم أزمة ارتفاع الأسعار في ظل قدرة شرائية متدهورة للمواطنين.

مؤشرات وبيانات حول ارتفاع أسعار السلع في لبنان

تشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مديرية الإحصاء المركزي إلى ارتفاع مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 14.3% خلال تموز 2025 مقارنة بالسنة السابقة. تفاصيل الارتفاع تُظهر أن كلفة التعليم قفزت بنسبة 31%، والإيجارات بنسبة 29%، بينما وصلت ارتفاعات المأكولات والمشروبات غير الروحية إلى 22%، والمشروبات الروحية والدخان 14%، وأسعار المطاعم والفنادق 11.6%، وأسعار الملابس 10.5%. أما أسوأ القطاعات، فكان ارتفاع أسعار المياه والكهرباء والغاز والفيول أويل بحوالي 7% بين تموز 2024 وتموز 2025.

وأشار الخبير الاقتصادي نسيب غبريال إلى أن تراجع سعر صرف الدولار مقابل العملات العالمية، جنبًا إلى جنب مع ضعف الرقابة على أسعار التجزئة، ساهم في استمرار موجة ارتفاع الأسعار، مما ضاعف من أعباء المواطنين اليومية.

الحلول المقترحة لمعالجة ارتفاع أسعار السلع وتحسين القدرة الشرائية

يرى نسيب غبريال أن معالجة ارتفاع أسعار السلع في لبنان تتطلب خطوات جذرية لمعالجة الخدمات العامة من خلال كسر احتكار الدولة لقطاعات الكهرباء والاتصالات، وإدخال المنافسة التي من شأنها تحسين جودة الخدمات وخفض تكاليفها، مع تعزيز موارد الخزينة لمكافحة اقتصاد الظل وتعزيز الرقابة. ويشدد على أن ضبط ومراقبة أسعار السلع التي يبيعها القطاع الخاص مسؤولية تقع على عاتق السلطات لضمان عدالة الأسعار وعدم استغلال حاجة المواطنين.

• كسر الاحتكارات وتحفيز المنافسة في القطاعات الحيوية
• تعزيز الرقابة على أسعار التجزئة
• دعم القدرة الشرائية للمواطنين بزيادة الأجور وتحسين الخدمات
• محاربة اقتصاد الظل عبر تحسين الإيرادات الحكومية

يبقى المواطن اللبناني واقفًا يوميًا أمام تحدي توفير احتياجاته الأساسية، وسط فجوة متسعة بين الأجور المرتبطة بما يقارب 30% من مستويات ما قبل الانهيار، وارتفاع تكاليف المعيشة التي تجاوزت أحيانًا مستويات ما قبل الأزمة. هذه المعادلة الصعبة تتطلب حلولًا فعالة وعاجلة لإعادة التوازن وضمان حياة كريمة لكل لبناني.