تراجع قياسي.. تصنيفات اليورو تسجل أدنى مستوى في عشر سنوات وتثير مخاوف عالمية

التقارب في التصنيفات الائتمانية لدول منطقة اليورو يعكس تحولًا اقتصاديًا مهمًا يبرز تعافي اقتصادات الجنوب الأوروبية بعد سنوات من الأزمات المالية والسياسية والصحية، حيث شهدت فرنسا خفضًا في تصنيفها الائتماني في حين سجلت إسبانيا والبرتغال ارتفاعًا ملموسًا في تصنيفاتها؛ مما يعكس تقاربًا ملحوظًا في القدرات الاقتصادية للحكومات ويعزز تماسك السوق الأوروبية الموحدة.

تعزيز التقارب في التصنيفات الائتمانية وأثره على انتعاش اقتصادات دول جنوب منطقة اليورو

شهدت التصنيفات الائتمانية لدول منطقة اليورو تقلبات بارزة في الفترة الأخيرة، حيث خفضت وكالة «فيتش» تصنيف فرنسا إلى «إيه +» نتيجة التعقيدات السياسية التي أعاقت جهود الحكومة للحد من العجز المالي، بينما رفعت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيف إسبانيا إلى نفس الدرجة، وأعادت «فيتش» تصنيف البرتغال إلى «إيه +» بعد تحسن ملحوظ في مؤشرات الدين العام. في المقابل، واجهت فنلندا والنمسا وبلجيكا تخفيضًا في تصنيفاتها بسبب زيادة العجز وارتفاع مستويات الدين الحكومي، ما ساعد بشكل واضح في تقليل الفوارق بين التصنيفات الائتمانية للدول الأوروبية. ويرجع هذا التقارب إلى انتعاش اقتصادات دول الجنوب التي تعافت من صدمات ديون 2010-2011 وأزمة جائحة كوفيد-19، إذ تؤكد التصنيفات الائتمانية أهميتها كمؤشر رئيسي يعكس الصحة الاقتصادية وثقة المستثمرين في الأسواق الأوروبية.

أهمية التصنيفات الائتمانية في تعزيز التقارب الاقتصادي وإعادة توزيع الأعباء بين دول منطقة اليورو

يرى أيمريك غيدي، مدير صندوق «كارمينياك»، أن التقارب في التصنيفات الائتمانية مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتحسن الدين العام للدول المعنية، حيث ساهم تحسن أداء دول الجنوب في خفض نسب الدين ورفع معدلات النمو الاقتصادي، ما أدى إلى استقرار أكبر في مستويات الدين وتحسن كبير في التصنيفات الائتمانية. عقب أزمة ديون المنطقة، فقدت معظم الحكومات تصنيف «إيه إيه إيه» باستثناء ألمانيا وهولندا اللتين تحتفظان بهما ضمن الاقتصادات الكبرى في المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن البرتغال واليونان واجها هبوطًا مؤقتًا لتصنيفهما إلى مرتبة «غير مرغوب فيها»، مما أثر سلبًا على قدرة تداول ديونهما بحرية داخل الأسواق. تُشير التوقعات إلى أن وكالة «فيتش» ستبدأ قريبًا بمراجعة تصنيف إيطاليا مع احتمالية ترقيته إلى «بي بي بي»، وهو ما يعزز من التقارب الاقتصادي مع بقية الدول ويتماشى مع استراتيجية التماسك المالي الإقليمي. التغييرات الأخيرة في التصنيفات تشمل:

  • خفض تصنيف فرنسا إلى «إيه +» بسبب الأزمات السياسية والعجز المالي
  • رفع تصنيف إسبانيا إلى «إيه +» مع تحسن المؤشرات الاقتصادية
  • إعادة تصنيف البرتغال إلى «إيه +» عقب تقليل نسبة الدين العام
  • خفض تصنيفات فنلندا والنمسا وبلجيكا نتيجة ارتفاع العجز والديون
  • توقع مراجعة تصنيف إيطاليا مع إمكانية ترقيته إلى «بي بي بي»
الدولةالتصنيف الحاليسبب التغير
فرنساإيه +تداعيات الأزمة السياسية والعجز المالي
إسبانياإيه +تحسن النمو الاقتصادي
البرتغالإيه +تقليل نسبة الدين العام
فنلندا، النمسا، بلجيكاخفض التصنيفزيادة العجز والديون
إيطاليا (متوقع)بي بي بي (قريبًا)إعادة تقييم محتملة

تأثير التقارب في التصنيفات الائتمانية على الأسواق المالية وسلوك المستثمرين في منطقة اليورو

تعكس الأسواق المالية حالة تقارب واضحة في التصنيفات الائتمانية داخل منطقة اليورو؛ حيث وصلت عوائد سندات الخزانة الفرنسية والإيطالية لأجل 10 سنوات إلى مستويات متماثلة غير مسجلة سابقًا، ويُعد هذا مؤشراً قوياً قبل صدور أية قرارات رسمية من وكالات التصنيف. وبالرغم من بطء حركات هذه الوكالات مقارنةً بحركة الأسواق المالية، تظهر تكلفة الاقتراض الحكومي انعكاسًا فوريًا على هذا التقارب، مع تأثير محدود على السوق عقب خفض تصنيف فرنسا من وكالة «فيتش». لا تزال التصنيفات الائتمانية محور أساسي في استراتيجيات المستثمرين، وخصوصًا المؤسسات الكبرى مثل البنوك المركزية وصناديق التقاعد التي ترتكز في استثماراتها على هذه المؤشرات. أوضح روس هاتشيسون، رئيس استراتيجية سوق منطقة اليورو في مجموعة «زيوريخ للتأمين»، أن التغيرات الرسمية في التصنيفات ستؤدي إلى إعادة توجيه الاستثمارات وإعادة تقييم المحافظ من قبل المستثمرين المؤسسيين. كما أشار أمان بانسال، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في «سيتي»، إلى أن هذا التقارب سيحفز المستثمرين الدوليين على تحويل أموالهم من السندات الفرنسية إلى نظيراتها في إسبانيا وربما إيطاليا، خاصة مع توزع ملكية ما يقارب نصف ديون فرنسا بين الأجانب، مما يجعل السوق الفرنسية أكثر حساسية لتقلبات الثقة والتوجهات العالمية.