قفزة الريال.. ارتفاع غير مسبوق أمام الدولار وتفسير الخبراء للتحسن المفاجئ

التحسن الكبير في سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار والعملات الأخرى أثار اهتمام واسع في الأسواق المحلية والعالمية، خاصة مع التغيرات التي شهدتها أسواق الصرف في اليمن خلال الفترة الأخيرة؛ حيث ارتفع سعر الريال اليمني من مستوى 1600 ريال مقابل الدولار إلى نحو 1180 ريالاً، في خطوة وصفها الخبراء بأنها غير متوقعة وشملت عدة عوامل معقدة ومعمقة تتنوع بين الإجراءات الحكومية ومناورات المضاربات العكسية.

تثبيت سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأساسية وأثره على السوق

كشف البنك المركزي اليمني عن تثبيت سعر صرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي عند حدود 425 ريالاً للشراء و428 ريالاً للبيع، مؤكداً في بيان رسمي أن هذا التثبيت يعكس نجاح السياسات النقدية الأخيرة والدعم الحكومي الذي جاء لمواجهة ظروف اقتصادية استثنائية تمر بها البلاد. هذا التدخل الحكومي كان له دور محوري في محاولة استقرار سعر العملة المحلية بعد تقلبات حادة شهدتها أسواق الصرف.

في الوقت نفسه، شهدت أسواق الصرف تغيّرات ملموسة أخرى؛ حيث انخفض سعر الريال السعودي من 425 ريالاً إلى 310 ريالات في بعض المناطق، فيما تراجع سعر الدولار من أكثر من 1600 ريال إلى نحو 1180 ريالاً، وهو التراجع الذي يمثل أكبر مكاسب للريال اليمني خلال سنوات. هذا التحسن في سعر صرف الريال أثار تساؤلات كثيرة لمعرفة الأسباب الحقيقية التي وقفت وراء هذا الانتعاش المفاجئ.

تفسيرات اقتصادية لموجة التحسن في سعر صرف الريال اليمني وكيفية تأثير المضاربات

يرى المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي أن الانخفاض المفاجئ في أسعار الصرف لم يكن انعكاساً طبيعياً لقواعد العرض والطلب، بل ناجم عن مضاربة عكسية نفذها كبار اللاعبين في السوق، الذين تكبدوا خسائر كبيرة خلال موجة الهبوط السابقة. وشرح الفودعي أن هؤلاء المضاربين عمدوا إلى دفع أسعار العملات الأجنبية إلى مستويات متدنية بشكل مصطنع، مما مكنهم من شراء كميات ضخمة بأسعار زهيدة استعداداً لجولة صعود جديدة قد تعيد توازن السوق لمصلحتهم.

من جهة أخرى، طرح الخبير الاقتصادي مصطفى نصر احتمالين لتفسير ما حدث؛ الأول أن هذه العملية تمت بتوجيه وتخطيط من قبل أطراف مرتبطة بجماعة الحوثي، والاحتمال الآخر هو أن الصرافين الكبار الذين يعانون من تركيز مالي كبير في السوق يسعون لتعويض خسائرهم السابقة عبر شراء العملات بأسعار منخفضة. وأكد نصر أن البنك المركزي يمسك بخيوط اللعبة حالياً، وأن أي تحسن في سعر صرف الريال مدعوم من البنك لابد أن يكون تدريجياً ومدروساً بالشكل الصحيح.

دور البنك المركزي والإجراءات الحكومية في ضبط سوق الصرف وتحقيق الاستقرار النقدي

تشير المصادر المصرفية إلى أن التراجع الأخير في أسعار الصرف لا يعود إلى تلاعب من قبل البنوك أو شركات الصرافة، وإنما هو انعكاس طبيعي لعوامل السوق، بينها انتشار الإشاعات، زيادة المعروض النقدي من العملات الأجنبية مقابل ضعف الطلب، وتوقعات بوجود ودائع أو تدفقات نقدية خارجية، دفعت المواطنين إلى تصريف مدخراتهم لتأمين سيولة بالأيام الماضية.

ولذلك، اتخذ مجلس إدارة البنك المركزي اليمني قرارات حاسمة لضبط سوق الصرف، بتكليف الإدارة التنفيذية باتخاذ إجراءات صارمة ضد شركات ومنشآت الصرافة المخالفة أو المتواطئة مع المضاربين الذين يحاولون زعزعة استقرار السوق. كما أكد البنك أن كل المبالغ بالعملة الأجنبية التي تم شراؤها خلال اليومين الماضيين تعتبر ملكاً للبنك المركزي واللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، ما يدعم استراتيجية تحسين سعر صرف الريال اليمني.

• مراقبة عمليات شراء وبيع العملات الأجنبية
• محاسبة المخالفين في السوق
• تكثيف التنسيق بين البنك المركزي والحكومة
• تدابير لتعزيز ثقة السوق والاحتياطات النقدية

يُحذر الخبراء الاقتصاديون من أن المرحلة التي يمر بها سعر صرف الريال اليمني تتطلب تدخلاً سريعاً لمعالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، مع التركيز على ضبط السوق المصرفية، تحقيق الاستقرار السياسي والمالي، والعمل على استثمار هذه الفرصة لتعزيز الاحتياطات النقدية الوطنية وبناء ثقة طويلة الأمد. فهم يرون أن استدامة التحسن في سعر العملة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإيقاف المضاربات وقيام الإيرادات العامة بدورها الأساسي.

يترقب المواطنون اليمنيون انعكاس هذا التحسن في أسعار السلع والخدمات والإيجارات، وسط مطالب متصاعدة لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية والانضباط النقدي لضمان استقرار دائم للريال اليمني يُوفر لهم فرصة أفضل لمواجهة التضخم المستمر. وفي هذا السياق، تشمل الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي تشكيل لجنة للاستيراد، تنظيم عمليات صرف العملات الأجنبية، وتشديد الرقابة على شركات الصرافة، مما يسهم بشكل واضح في استعادة استقرار الريال اليمني وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين.