سراب الدولار.. “سيتي غروب” يؤكد استمرار هيمنة العملة الأميركية رغم التكهنات بالخروج

الدولار الأميركي هل يشهد فعلاً تخلي المستثمرين عنه أو مجرد تراجع مؤقت؟ محللو “سيتي غروب” يشككون في فكرة تقليل الاعتماد العالمي على الدولار الأميركي، معتبرين أن هذه السردية ليست أكثر من سراب لا تدعمه المعطيات الاقتصادية؛ فالبيانات المالية تشير إلى استمرار الطلب على الأصول الدولارية رغم انخفاض قيمة العملة، وهو ما يسلط الضوء على أهمية فهم الاختلاف بين تراجع الدولار والتخلي الفعلي عنه.

تفصيل حول سبب تراجع الدولار الأميركي وعدم التخلي عنه

وضح محللو “سيتي غروب”، وعلى رأسهم أوسامو تاكاشيما، في مذكرة موجهة للعملاء أن الدولار الأميركي انخفض بنحو 9% خلال العام الجاري، لكن إحصاءات ميزان المدفوعات لا تظهر وجود عمليات بيع كبيرة للأصول الدولارية، ولا يثبت ارتباط واضح بين تدفقات الاستثمارات الأجنبية في الأسواق الأميركية وأداء الدولار على المدى البعيد؛ وهذا يؤكد استمرار جاذبية العملة الأميركية رغم التقلبات. ويضيف المحللون الاستراتيجيون أن “سردية التخلي عن الدولار هي في حقيقتها تفسير اخترعته الأسواق لتبرير تراجع العملة نتيجة تصفية المراكز الاستثمارية وتعديل نسب التحوط، مشددين على ضرورة تناول خطر هبوط الدولار بشكل مستقل عن فكرة التخلي عنه”.

توقعات محافظ الاستثمار بشأن مستقبل الدولار الأميركي

يربط عدد من المحللين مفهوم “التخلي عن الدولار” بمحاولات المستثمرين تقليل اعتمادهم على العملة الأميركية بسبب السياسات التجارية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، مثل فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين وتحديه استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي؛ إلا أن هذا التصور لا يتماشى مع الواقع الحالي الذي تظهر فيه الأدلة استمرار زيادة شراء الأسهم والسندات الأمريكية، مع توجه المستثمرين إلى استخدام المشتقات المالية كوسيلة للحد من مخاطر انخفاض الدولار لاحقًا. يمكن تلخيص هذا الواقع في النقاط التالية:

  • انخفاض الدولار بنسبة 9% خلال العام الحالي
  • عدم وجود بيانات مؤثرة على عمليات بيع الأصول الدولارية
  • استمرار التدفقات الاستثمارية الأجنبية للمحافظ الأميركية
  • استخدام المشتقات المالية كأدوات للتحوط من تقلبات العملة

توقعات “سيتي غروب” لتراجع الدولار مقابل اليورو والين الياباني

لا تزال النظرة العامة لدى محللي “سيتي غروب” تشوبها حالة من التشاؤم حيال الدولار، إذ يتوقعون أن ينخفض سعر صرف الدولار مقابل اليورو إلى مستوى 1.20 دولار بنهاية العام الجاري، مقارنةً بحوالي 1.1750 دولار حاليا؛ كما يتوقع البنك تراجع الدولار مقابل الين الياباني ليصل إلى مستوى 135 يناً بحلول نهاية عام 2026، وهو ما يعادل انخفاضاً يبلغ حوالي 9%. توضح البيانات التالية توقعات “سيتي غروب” بمستويات صرف الدولار المستقبلية:

العملةالسعر المتوقع بنهاية 2024السعر المتوقع بنهاية 2026
اليورو مقابل الدولار1.20 دولار
الدولار مقابل الين الياباني135 يناً

هذه التوقعات تشير إلى أن الدولار الأميركي يواجه مخاطر تراجع على المدى المتوسط، لكن بدون التخلي الكامل من قبل المستثمرين العالميين، الذين ما زالوا يرون فيه ملاذًا مهمًا للاستثمار والاحتفاظ بالقيمة.

الدولار الأميركي يبقى رمزًا اقتصاديًا يثير جدلاً بين مستثمرين ومحللين، لكنه يتضح من خلال تحليلات “سيتي غروب” أن فكرة تقليص الاعتماد عليه ليست سوى سردية للاستهلاك الإعلامي أكثر من كونها انعكاسًا حقيقيًا لاتجاهات السوق، وهذا يتطلب التمييز الدقيق بين هبوط العملة والتخلي الفعلي عنها.