مكاسب الدولار.. ارتفاع مستمر رغم تثبيت أسعار الفائدة من بنكي إنجلترا واليابان

أسعار الذهب تتراجع مع استمرار نشاط عمليات التصحيح وجني الأرباح، بينما يتبنى الاحتياطي الفيدرالي نهجًا حذرًا بشأن التيسير النقدي، وتتراجع احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية في أكتوبر، مما يؤثر على تحركات المعدن النفيس في الأسواق العالمية ويزيد من تعقيد توقعات المستثمرين.

تأثير استمرار نشاط عمليات التصحيح وجني الأرباح على أسعار الذهب

شهدت أسعار الذهب في السوق الأوروبية تراجعًا ملحوظًا يوم الجمعة، مع استمرار تحركها في المنطقة السلبية لليوم الثالث على التوالي، مبتعدةً عن أعلى مستوياتها القياسية السابقة التي وصلت إليها في وقت سابق. هذا التراجع يرجع بشكل رئيس إلى نشاط عمليات التصحيح وجني الأرباح التي يقوم بها المستثمرون إثر المكاسب الكبيرة التي حققها المعدن النفيس خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى الضغوط التي تفرضها قوة ارتفاع العملة الأمريكية في سوق صرف العملات الأجنبية.

من حيث الأداء السعري، انخفض الذهب بنسبة 0.35% ليصل إلى 3,632.33 دولار للأونصة، مقتصراً من سعر افتتاح التعاملات عند 3,644.29 دولار، مسجلاً أعلى مستوى خلال الجلسة عند 3,657.40 دولار. بالإضافة إلى ذلك، فقد المعدن نسبة 0.45% عند تسوية الأسعار يوم الخميس، وذلك في ثاني خسارة يومية على التوالي مما يعكس نشاط تصحيح الأسواق عقب الوصول إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 3,707.65 دولار للأونصة. في جوهر الأمر، لم يقتصر التراجع على عمليات جني الأرباح فقط، بل لقي الذهب ضغوطًا إضافية من صعود مؤشر الدولار الأمريكي، خاصة بعد صدور بيانات اقتصادية إيجابية تعزز من قوة العملة الأمريكية في مواجهة العملات الأخرى.

الاحتياطي الفيدرالي يعتمِد نهجًا حذرًا بشأن التيسير النقدي وأسعار الفائدة الأمريكية

تماشياً مع توقعات الأسواق، قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ما خفضها إلى 4.25%، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر 2022، وذلك بعد خمسة اجتماعات متتالية من تثبيت الفائدة. ويعكس هذا الإجراء حرص البنك المركزي الأمريكي على تبني سياسة نقدية حذرة لا تتسم بالإسراع في تخفيف القيود، حيث لم تظهر اللجنة أي إشارات لتخفيف السياسة النقدية بسرعة أو بشكل أكبر خلال الأشهر القليلة المقبلة.

جاء القرار بدعم أغلب أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، مع استثناء عضو واحد، ستيفن ميران، الذي كان يفضل خفضاً أكثر ارتفاعًا بمقدار 50 نقطة أساس. وأوضح الاحتياطي الفيدرالي في تحديث بيانه أن هناك تباطؤًا واضحًا في نمو الوظائف خلال الأشهر الأخيرة، مع مراجعات هبوطية لبيانات التوظيف السابقة، مما يعكس تراجع الزخم وارتفاع المخاطر في سوق العمل. وأكد البنك على أن التضخم لا يزال مرتفعًا مقارنةً بهدفه المحدد بـ2%، مشيراً إلى أن التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة الأمريكية السابقة تزيد من الضغوط السعرية.

أما في توقعات الفائدة الاقتصادية الفصلية، فقد خفض البنك الهدف المتوقع لسعر الفائدة إلى 3.75% لعام 2025، و3.25% لعام 2026، و3.0% لعام 2027، مما يعكس تعديلًا متدرجًا في السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. وأكد رئيس البنك، جيروم باول، أن خفض سعر الفائدة ضروري لإدارة المخاطر في ظل ضعف ظروف سوق العمل، مشيرًا إلى حالة عدم اليقين التي تمر بها توقعات أسعار الفائدة. وأضاف أنه لا يرى الحاجة إلى تحركات سريعة بخصوص تخفيضات إضافية، مع التأكيد على اعتماد السياسة النقدية بشكل رئيسي على البيانات الاقتصادية والتطورات المتعلقة بالتضخم والنمو.

تراجع احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية في أكتوبر وتأثيرها على أداء الذهب

تشير توقعات الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمال وجود تخفيضات إضافية في معدلات الفائدة تصل إلى 50 نقطة أساس خلال عام 2025، مع احتمال خفض واحد بمقدار 25 نقطة أساس خلال العام نفسه، إضافةً إلى خفض آخر مماثل متوقع في 2026. ومع ذلك، سجلت احتمالات خفض أسعار الفائدة في اجتماع أكتوبر القادم تراجعًا من نسبة 100% إلى 87% للخفض بمقدار 25 نقطة أساس، ومن 3% إلى 1% للخفض بمقدار 50 نقطة أساس، بينما ارتفعت احتمالات الإبقاء على الأسعار دون تغيير من 0% إلى 13%، وفقًا لأداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME.

فيما يخص توقعات أداء الذهب، يرى محلل السوق في كابيتال دوت كوم، كايل رودا، أن المعنويات تجاه الذهب ما تزال إيجابية، ولكنها فقدت جزءًا من زخمها بسبب تحفظات الاحتياطي الفيدرالي في توجيهاته الخاصة بالتيسير النقدي. وكان توقع حدوث خفضين إضافيين خلال العام الحالي قوة دافعة للذهب، إلا أن اكتفاء البنك بخفض واحد فقط في 2026، والذي جاء أعلى من تسعير السوق، أدى إلى ارتفاع العوائد الأمريكية وقوة الدولار، مما قلل من جاذبية المعدن الأصفر.

أما على صعيد حيازات الذهب، فقد استقرت حيازات صندوق SPDR Gold Trust، أكبر صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب، عند مستوى 975.66 طن متري، وهو أدنى مستوى له منذ 12 سبتمبر الجاري، دون أي تغيير يُذكر.

• استمرار نشاط تصحيح السوق وجني الأرباح يؤثران سلبًا على الذهب
• الاحتياطي الفيدرالي يُبقي على سياسة نقدية متحفظة دون تحركات سريعة في الفائدة
• تراجع احتمالات خفض الفائدة الأمريكية في أكتوبر يرفع مكاسب الدولار ويضغط على الذهب