علامات حياة.. ناسا تكشف لغز المريخ بين الحقيقة والوهم

الحياة الميكروبية القديمة على المريخ تثير جدلاً واسعاً بين العلماء بعد إعلان ناسا الأخير عن اكتشاف محتمل لعلامات حياة ميكروبية قديمة عبر مركبة بيرسيفيرانس التي وجدت صخرة تحمل معادن مرتبطة بالحياة على الأرض، الأمر الذي قد يؤكد أن المريخ كان صالحاً للسكن في الماضي، رغم تحذيرات بوجود احتمالات لعمليات جيولوجية غير حيوية تفسر هذه العلامات، مما يفتح باب التساؤل حول صحة هذا الاكتشاف وأبعاده العلمية.

الاكتشاف الأخير ونقاش الحياة الميكروبية القديمة على المريخ

أعلنت وكالة ناسا في خطوة مثيرة عن احتمال وجود حياة ميكروبية قديمة على سطح المريخ، بعد أن أثارت مركبة بيرسيفيرانس جدلاً كبيراً باكتشافها صخرة غريبة الشكل على موقع مجرى نهر جاف في حفرة جيزيرو، وهي منطقة تصل مساحتها إلى 28 ميلاً، تحمل معادن مثل الفيفيانيت والغريغيت المرتبطين بتكون الحياة على كوكب الأرض. يأتي هذا الاكتشاف ليطرح سؤالاً مهماً حول قدرة المريخ على دعم الحياة في الماضي، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الباحثين يرون أن هذه المؤشرات قد تكون ناجمة عن عمليات جيولوجية طبيعية غير حيوية، ما يجعله تحدياً في تأكيد طبيعتها الدقيقة.

تاريخ البحث عن الحياة الميكروبية القديمة على المريخ وأهمية الدليل الجديد

امتد البحث العلمي عن حياة ميكروبية قديمة على المريخ لأكثر من أربعة عقود، حيث شهد عام 1976 تجارب مركبتي Viking 1 وViking 2 اللتين أجرتا تحاليل على تربة الكوكب، وأشارت نتائجها الأولية إلى احتمال وجود حياة، لكن ناسا استبعدت ذلك لاحقاً. كما شهد عام 1996 اكتشاف أحافير ميكروسكوبية وجزيئات عضوية داخل نيزك مريخي عمره حوالي أربعة مليارات سنة، إلا أن الجدل استمر حتى استقر العلماء على أن تلك الخصائص ربما نتجت عن تفاعلات مياه مالحة قديمة في الصخر. لذا يعتبر هذا الاكتشاف الأخير عبر مركبة بيرسيفيرانس واحداً من أقوى الأدلة حتى الآن على الحياة الميكروبية القديمة على المريخ، وهو ما وصفه شون دافي، المدير المؤقت لوكالة ناسا، بأنه “أوضح دليل على الحياة وجدناه على المريخ على الإطلاق”، ما قد يعيد تشكيل فهمنا حول إمكانات الحياة في النظام الشمسي.

التحديات المستقبلية لتأكيد وجود الحياة الميكروبية القديمة على المريخ

رغم أهمية الاكتشاف وكونه دليلاً محتملاً على الحياة الميكروبية القديمة على المريخ، يُحذر العلماء من صعوبة استبعاد التفسيرات غير الحيوية، حيث أكد جويل هوروفيتز عضو فريق البحث وجود طرق غير حيوية لتكوين المعادن المكتشفة، ما يحتم استمرار البحث بإعادة عينات الصخور إلى الأرض لإجراء اختبارات دقيقة، وهي مهمة معقدة ومكلفة قد تمتد لعقود. وتنص خطة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية على إعادة حوالي 30 أنبوباً محكم الإغلاق تحتوي على عينات مركبة بيرسيفيرانس خلال العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، لكن تجاوز التكلفة المقدرة 8 مليارات دولار أدى إلى تأجيل المهمة، بعد إلغاء تمويلها في ميزانية عام 2026. وتسعى ناسا حالياً لابتكار حلول أرخص، أو حتى التفكير في إرسال رواد فضاء للمريخ لتحقيق هذه الغاية المهمة.

  • اكتشاف صخرة على شكل سهم بحفرة جيزيرو في المريخ تحمل معادن مرتبطة بالحياة
  • تحذير من إمكانات أسباب غير حيوية للعلامات المكتشفة على هذه الصخور
  • أهمية إعادة عينات المريخ للأرض لإجراء اختبارات معمقة لتأكيد وجود الحياة
  • تحديات مالية وتقنية تواجه خطط إعادة العينات وتتطلب حلولاً مبتكرة
العامالحدث
1976عمليات Viking 1 وViking 2 واختبار تربة المريخ
1996اكتشاف أعضاء ميكروبية في نيزك مريخي
2024عثور بيرسيفيرانس على صخرة حاملة علامات قد تشير إلى حياة على المريخ
العقد 2030مخطط إعادة عينات المريخ إلى الأرض

يستدعي وجود علامات محتملة على الحياة الميكروبية القديمة على المريخ تأمل دقيق في طبيعة المصدر، فالنتائج الأولية تشير إلى صخرة تحتوي معادن كالغيلفيانيت والغريغيت التي تنتجها بعض الميكروبات على الأرض، مما قد يدل على تطور حياة ميكروبية سابقة على سطح الكوكب الأحمر، وهو ما قد يغير نظرتنا لتاريخ المريخ وكونه بيئة صالحة للسكن. إلا أن التأكيد العلمي النهائي يرتبط بشكل كبير بإعادة العينات لإجراء تحاليل دقيقة خارج نطاق قدرات المركبة بيرسيفيرانس، والتي ما زالت تواجه تحديات تقنية ومالية في رحلتها البحثية، سواء عبر رحلات مستقبلية أو تقديم حلول بديلة ضمن ميزانية ناسا المحدودة.

يبقى السؤال الأساسي مطروحاً: هل يمثّل هذا الاكتشاف تحولا تاريخياً في البحث عن الحياة خارج الأرض، أم أنه تكرار لنبوءات مخيبة كما حدث سابقا؟ يتوجب الانتظار والبحث المستمر للوصول إلى أدلة قاطعة تثبت أو تنفي إمكانية وجود حياة ميكروبية قديمة على المريخ، مستندين في ذلك إلى تطورات التكنولوجيا الفضائية والمشاريع الدولية التي قد تعيد تعريف فهمنا للكون القريب.