سقف جديد.. ارتفاع قياسي في أسعار الذهب يهدد استقرار الأسواق المغربية

سجل سعر الذهب في السوق الدولية ارتفاعًا قياسيًا للمرة الأولى في المعاملات الفورية، حيث تجاوز 3700 دولار للأونصة، مدعومًا بتوقعات خفض سعر الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال الأسبوع الجاري، مما زاد من جاذبية المعدن النفيس ورفع توقعات ارتفاع أسعار الذهب الخام والمصنع بالسوق الوطنية المغربية بنسبة تتراوح بين 8 و12 في المائة.

تأثير ارتفاع سعر الذهب العالمي على السوق الوطنية المغربية

تنعكس زيادة أسعار الذهب في الأسواق العالمية بشكل مباشر على أسعار المادة الخام المستوردة في المغرب، حسب ما أشار إليه إدريس الهزاز، رئيس الفيدرالية المغربية للصائغين، في تصريح لهسبريس، مؤكّدًا أن تأثر السوق الوطنية بارتفاع سعر الذهب الدولي يزيد من تفاقم ظاهرة الذهب المهرب. إذ بلغ سعر غرام الذهب الخام عيار 18 قيراط 850 درهمًا، فيما يتراوح سعر الذهب المصنع بين 950 و970 درهمًا، مع توقعات مستمرة بالمزيد من الارتفاع خلال الفترة المقبلة.

يرتبط ارتفاع الطلب على الذهب في السوق غالبًا بفئة من ذوي الدخل المرتفع، والدافع الأساسي يعود إلى تهافت الزبائن على المعدن الأصفر كملاذ آمن في ظل حالة عدم استقرار الأسعار والعُملات، خاصة مع الوضعيات المالية والاقتصادية المتقلبة. هذا الإقبال، رغم آثاره الإيجابية على السوق، يرتبط أيضًا بأنشطة غير قانونية مثل تبييض الأموال والغطاء على موارد مالية غير معلنة لأجهزة الرقابة، ما يستدعي المزيد من اليقظة والتدخل.

مطالب الفدرالية المغربية للصائغين بإطلاق منصة وطنية للذهب

في عدة مناسبات، طالبت الفدرالية المغربية للصائغين بإنشاء “منصة وطنية للذهب” (Comptoir national de l’or) تضمن تزويد السوق الوطنية بالمادة الخام بشروط تنافسية سليمة، تحمي المنتج المحلي من تقلبات الأسواق العالمية، وتحد من انتشار الذهب المهرب. كما دعت الفدرالية إلى إلزام المشاريع التعدينية المغربية المصدرة للذهب بتخصيص حصة 15 في المائة من صادراتها للسوق الوطنية، مستلهمةً من نموذج شركات الأوفشور في العالم التي تعمل على دعم الأسواق المحلية عبر مثل هذه السياسات.

تزامنًا مع هذه المطالب، شهد سعر الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعًا بنسبة 0.6 في المائة، ليصل إلى 3702.06 دولار للأونصة عند الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش، فيما زادت العقود الأميركية الآجلة لتسليم شهر ديسمبر بنسبة 0.5 في المائة، مسجلة 3739.10 دولارًا، وهذا يعكس تفاعل الأسواق مع المتغيرات العالمية، منها تراجع الدولار أمام العملات الرئيسية لأدنى مستوى خلال أكثر من شهرين.

ارتفاع واردات المغرب من الذهب الصناعي وجهود الجمارك للرقمنة ومكافحة التهريب

شهدت واردات المغرب من “الذهب الصناعي” خلال عام 2024 ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 51 في المائة مقارنة بعام 2023، وفقًا للتقرير السنوي لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، حيث قفزت القيمة المالية للواردات من 0.6 مليار درهم إلى 0.9 مليار درهم، بزيادة تقارب 0.3 مليار درهم.

تبرز في التقرير جهود السلطات الجمركية المكثفة في مكافحة غسل الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة من خلال تعزيز آليات المراقبة والتتبع الميداني بشكل دائم، وسط عمليات ضبط كبيرة للمبالغ المالية، وسبائك الذهب والفضة والأحجار الكريمة، إلى جانب ساعات ومجوهرات فاخرة، مع الإشارة إلى عدم توفر بيانات دقيقة عن حجم أو قيمة هذه المضبوطات.

في إطار تحديث الإجراءات، بدأ العمل منذ يناير 2024 على رقمنة التصريح بالمصوغات النفيسة عبر نظام “بدر”، واستبدال الوثيقة التقليدية “D19” بعملية رقمية تلقائية تهدف إلى تسهيل اختبار المصوغات من الذهب والفضة والبلاتين ووضع العلامة. أصبح بإمكان الصناعيين والحرفيين والمعشرين تقديم تصاريحهم إلكترونيًا قبل مراجعة مكاتب الجمارك لاستكمال إجراءات الدمغ والتصريح، مما يُعزز سرعة التخليص الجمركي ويرتقي بقطاع المجوهرات.

  • ارتفاع سعر الذهب الدولي يزيد من تكاليف الاستيراد في السوق الوطنية
  • مطلب إنشاء منصة وطنية لضمان استقرار المادة الخام ومكافحة التهريب
  • تزايد واردات الذهب الصناعي بنسبة 51% في 2024 مقارنة بعام 2023
  • رقمنة إجراءات التصريح بالمصوغات لتعزيز الشفافية وتسهيل الإجراءات الجمركية
الفترةقيمة واردات الذهب الصناعي (مليار درهم)النسبة المئوية للزيادة
نهاية 20230.6
20240.951%

يذهب التأثير المتواصل لارتفاع سعر الذهب العالمي على السوق الوطنية المغربية إلى ما هو أبعد من مجرد السعر، إذ يتمدد ليشمل تشابكًا مع ظواهر اقتصادية وقانونية متشابكة، ما يحتم على الجهات المعنية تعزيز آليات الرقابة والتنظيم، لضمان استدامة السوق وتعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.