نجم جائع.. فلكيون يلتقطون لأول مرة ظاهرة نادرة تلتهم فيها نجوم التوأم بعضها

نجماً قزماً أبيض يبتلع نجمه المرافق الأكبر يظهر في نظام V Sagittae على بعد حوالي 10 آلاف سنة ضوئية، حيث يثير تفاعلهما الدامي مشاهد كونية نادرة متميزة وسط كوكبة السهم. هذا القزم الأبيض شديد الكثافة يمتص المادة من رفيقه النجمي الأكبر، ما يبرز سطوعاً متقلباً ونشاطاً نووياً فريداً يعرف بـ”الوليمة النجمية”، مما جذب انتباه علماء الفلك عبر عقود طويلة.

كيف يعمل نظام نجماً قزماً أبيض يبتلع نجمه المرافق الأكبر في كوكبة السهم؟

يقع نظام V Sagittae داخل كوكبة السهم، وهو نظام نجم مزدوج يتضمن نجماً قزماً أبيض ونجمًا مرافقًا يشبه الشمس أو أكبر قليلاً، وأُدرج هذا النظام ضمن النجوم المتغيرة الكارثية بسبب التغيرات المفاجئة في سطوعه. يبدأ هذا المشهد المذهل حين يجذب القزم الأبيض المادة من نجمه الأكبر عبر عملية تسمى التراكم، حيث تلتقط المادة المندفعة من النجوم المرافقة وتتجمع في قرص غازي يدور حول القزم، وينتج عن ذلك انفجارات نووية حرارية تزيد من سطوع النظام بشكل ملحوظ، وهي ظاهرة تُعرف بالنوفا.

القزم الأبيض، على الرغم من صغر حجمه، يمتلك كثافة هائلة تضاهي كتلة الشمس وهو بحجم كوكب الأرض. تكدس المادة عليه يرفع درجة حرارته إلى مستويات مرتفعة، مما يؤدي إلى انبعاث طيف واسع من الإشعاعات، وخاصة الأشعة السينية، وتضيء الحلقة الغازية المحيطة به. وتتدفق كميات هائلة من المواد الغازية بسرعة هائلة نحو القزم الأبيض، حيث تتحول إلى قرص دوار ملتهب، وهذه الظروف تستعد لنشاطات عنيفة قد تنتهي بانفجار نجم مستعر عظيم.

الأساطير والتاريخ وراء كوكبة السهم التي يحتوي نظام نجماً قزماً أبيض يبتلع نجمه المرافق الأكبر ضمنها

تحمل كوكبة السهم إرثًا فلكيًا وأساطيريًا ممتدًا من العصور القديمة، فقد عرفت في اليونان القديمة باسم Oistos أي “السهم”، وأدرجها العالم بطليموس ضمن 48 كوكبة في القرن الثاني الميلادي. ارتبط السهم بأساطير متعددة، منها أسطورة هرقل التي تصور السهم كسلاح استخدمه لقتل نسر عذب بروميثيوس، بالإضافة إلى أسطورة أبولو التي تتحدث عن سهم أطلقه على العمالقة الذين صنعوا الصواعق لزيوس.

في التراث العربي عرفت الكوكبة ببساطة السهم، تماشياً مع شكلها الذي يشبه السهم الموجه، وذكرت في النصوص الفلكية العربية ضمن تقسيمات بطليموس مع الحفاظ على رمزيتها. هذه الخلفية الثقافية والتاريخية تضيف بعدًا إنسانيًا لفهم نظام نجماً قزماً أبيض يبتلع نجمه المرافق الأكبر وتفاعلاته الغامضة في السماء.

ماذا تعني الظواهر الفلكية في نظام نجماً قزماً أبيض يبتلع نجمه المرافق الأكبر؟

يصدر النظام إشعاعات أشعة سينية ضعيفة نسبيًا مقارنة بالمصادر الأخرى، كما يؤدي النشاط العنيف الذي يحدث بين النجمين إلى تغيرات مفاجئة في السطوع رغم ضعف المجال المغناطيسي، مما يميز هذا النظام النادر في الكون. القزم الأبيض يعيش حالة “شراهة كونية” نتيجة امتصاص المادة من النجم الأكبر، ويخلق حلقة غازية ضخمة تحيط بالنجمين وتعمل كخزان وقود للنظام.

• الرابطة الثنائية القوية بين النجوم تدوم بفترة دوران تبلغ 12.3 ساعة فقط
• تراكم المادة على سطح القزم الأبيض يؤدي إلى انفجارات نووية حرارية مع ارتفاع السطوع
• الحلقة الغازية الناتجة تصدر إشعاعات في نطاقات متعددة، خاصة الأشعة السينية
• الضغط الحراري الهائل يؤدي إلى فرصة حدوث انفجار مستعر أعظم مستقبلاً

يشرح الباحثون أن هذه الحلقة الغازية ليست فقط نتيجة تراكم المواد، بل تعكس الصراع الدائم بين جاذبية القزم الأبيض التي لا تشبع وبين فقد النجم الأكبر للكتلة. هذه الظواهر الفلكية تمكنهم من فهم تطور الأنظمة الثنائية وعملية انتهاء حياة هذا النوع من النجوم بانفجارات عظيمة قد تجعل النجم مرئيًا بالعين المجردة في السماء. يرى العلماء أن انفجار النوفا المحتمل قد يظهر قريبًا، وهكذا يقدم نظام نجماً قزماً أبيض يبتلع نجمه المرافق الأكبر عرضًا نادرًا يُبرز حتمية التحولات العنيفة التي تصاحب نهاية هذا الارتباط النجمي.