سرعة الأرض.. كيف تؤدي زيادة دوران الأرض إلى تقصير الأيام وزيادة قوة الزلازل؟

الأيام على كوكب الأرض تزداد قصرًا والسرعة في زيادة دوران الأرض تثير مخاوف واسعة النطاق قد تؤثر على توازن الطبيعة وحياة البشر، حيث ثبت أن الأيام خلال أشهر يوليو وأغسطس كانت أقصر ببضع أجزاء من المللي ثانية، ما يفتح تساؤلات حول تداعيات تسارع دوران الأرض على الكوكب بأكمله.

تأثير زيادة سرعة دوران الأرض على طول الأيام وتغيراتها

يشير العلماء إلى أن أيام 9 و22 يوليو و5 أغسطس من العام الحالي قد كانت أقصر بنحو 1.3 إلى 1.51 مللي ثانية من مدة اليوم الاعتيادية التي تبلغ 24 ساعة، وهذه التغيرات الطفيفة في طول الأيام رافقتها عدة احتمالات تفسر السبب وراءها، مثل التغيرات في الغلاف الجوي، وذوبان الأنهار الجليدية، وتغيرات حركة نواة الأرض، بالإضافة إلى ضعف المجال المغناطيسي، كما ورد في تقرير صحيفة “ديلي ميل” البريطانية. وعلى الرغم من أن نقصان أجزاء من المللي ثانية لا يثير القلق في الظرف الراهن، إلا أن العلماء لا يستبعدون إمكانية تسارع دوران الأرض أكثر، ما قد يؤدي إلى اضطرابات خطيرة.

تسارع دوران الأرض والنتائج الطبيعية الكبرى المتوقعة

لو ازدادت السرعة التي يدور بها كوكب الأرض، فسوف يبرز تأثير الطرد المركزي بقوة، حيث تبدأ الكتل والأجسام بالابتعاد عن محور الدوران، مثل حركة الكراسي في ألعاب الملاهي الدوارة، ما يتسبب في انتفاخ المحيطات قرب خط الاستواء ويتغير شكل الأرض ليشبه الماسة، مع ميل واضح لنصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي. هذه الظاهرة ستؤدي إلى:

• انخفاض عمق المحيط المتجمد الشمالي بفعل سحب المياه من المناطق القطبية
• غمر مساحات واسعة قرب خط الاستواء بالمياه
• تزايد خطر التسونامي والفيضانات في الأراضي القريبة من خط الاستواء التي تبقى جافة

من ناحية أخرى، يتغير نمط المد والجزر بشكل ملحوظ، إذ ينتج عن دوران الأرض اليومي وحركة القمر والشمس حركة المد والجزر كل 24 ساعة و50 دقيقة تقريبًا، ويوضح دانكن أغنيو، أستاذ الجيوفيزياء في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، أن التغير بنسبة 10% في سرعة دوران الأرض سيؤثر على مناطق متعددة بزيادة أو نقصان المد والجزر.

التغيرات المدمرة في الطبيعة وحياة البشر نتيجة تسارع دوران الأرض

زيادة سرعة دوران الأرض لا تؤثر فقط على المياه، بل تمتد تأثيراتها لتشمل النشاط الجيولوجي، حيث تسارع حركة الصفائح التكتونية يؤدي إلى زيادة الضغط الجيولوجي وحدوث المزيد من الزلازل العنيفة، مع الأخذ في الاعتبار أن خط الاستواء يدور بسرعات تقارب 1650 كلم/ساعة، في حين أن القطبين يكادان لا يدوران، وإذا أصبحت السرعة كبيرة للغاية ستتغلب قوى الطرد المركزي على الجاذبية، مما قد يؤدي إلى انبعاث أشياء من على سطح الأرض.

أما الأجواء والطقس، فتشهد تدهورًا كبيرًا أيضًا، إذ يُحذر الدكتور ستين أودينوالد، عالم الفلك بوكالة ناسا، من أن الظواهر الجوية ستصبح أشد عنفًا بسبب زيادة “تأثير كوريوليس”، الذي يمنح الأعاصير دورانها، فيزداد دورانها والطاقة التي تحملها، وتتفاقم الأعاصير بشكل يفوق التوقعات.

بالإضافة إلى هذه التغيرات البيئية، ستتأثر حياة البشر بشكل مباشر بسبب قصر اليوم، حيث يقل عدد ساعات النهار ويقل أيضًا وقت النوم، ما يضر بالإنتاجية ويجبر الناس على تعديل ساعاتهم باستمرار أو ابتكار أنظمة زمنية جديدة. وبما أن الإنسان مرتبط بإيقاع بيولوجي يقارب 24 ساعة، فإن أي تغيير فيه يسبب اضطرابات صحية ونفسية تشبه مشاكل السفر عبر الطائرات بين مناطق زمنية مختلفة.

من الناحية التقنية، فإن اختلال دوران الأرض قد يؤدي إلى خروج عدد كبير من الأقمار الصناعية من مداراتها الصحيحة، ما يسبب اضطرابًا في خدمات الاتصالات، الإنترنت، البث التلفزيوني وأنظمة الملاحة.

مع ذلك، يرى الخبراء أن فكرة تسارع دوران الأرض بهذا الشكل هي مجرد خيال علمي بعيد المنال، حيث يوضح دانكن أغنيو أن هذه الفرضية “غير ممكنة على الإطلاق” ولم يُرصد شيء مشابه في الكواكب أو النجوم، مشيرًا إلى أن دوران الأرض يتباطأ تدريجياً منذ مليارات السنين، فقبل حوالي مليار سنة كان طول اليوم أقل من 19 ساعة، وحتى في عصر الديناصورات كان اليوم أقصر بنحو نصف ساعة مقارنة بالحاضر، مما يؤكد أن التغيرات الحالية طفيفة ولا تنذر بخطر فوري.

يبقى المراقبة الدقيقة لهذه الظواهر وتأثيرات تسارع دوران الأرض أحد المجالات العلمية الحيوية التي تحاول فهم تطور كوكبنا وتأثير ذلك على الحياة بشكل أعمق، لكن حتى اللحظة تبقى السيناريوهات الكارثية مجرد احتمالات لا يمكن التنبؤ بحدوثها بشكل قاطع، مع أهمية الاستمرار في البحث والتقصي العلمي لضمان استعداد الإنسان لأي طارئ.