قطعة نادرة.. معدن فضائي فريد يُكشف لأول مرة على الأرض

اكتشاف معدن غامض غير موجود على الأرض في قطعة نادرة من كويكب ريوجو يعيد تفسير أصل الحياة والأنظمة الكيميائية في بداية تكوين النظام الشمسي؛ فقد أظهرت دراسة حديثة عبر تقنية تصوير بالأشعة السينية أن القطعة الصغيرة التي أعادتها مهمة هايابوسا 2 تحتوي على معدن بلوري لم يسبق رصده على كوكبنا، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم العناصر الأساسية التي قد تكون ساهمت في شرارة الحياة على الأرض.

المعدن الغامض في ريوجو: اكتشاف جديد يُغير فهم الكيمياء الكونية

نجحت مهمة هايابوسا 2 اليابانية في عام 2020 بإعادة 5.4 غرامات فقط من المادة النقية من كويكب ريوجو، وهي كمية صغيرة للغاية لكنها تحمل في طياتها أسرار النظام الشمسي المبكر؛ حيث يُعتبر هذا القدر من المواد الأكثر نقاءً كيميائيًا التي لم تتعرض أبدًا للعمليات الجيولوجية أو القوى الشديدة التي مرت بها الأرض عبر تاريخها الطويل. أظهرت دراسة تفصيلية لحبتين من هذه العينات، إحداهما من سطح الكويكب والأخرى من أعماقه، بينات جديدة حول تركيبات كيميائية غير معروفة، باستخدام تقنيات تصوير متقدمة وأشعة سينية فائقة الدقة أجراها مختبر بروكهافن الوطني (BNL)؛ إذ تم تحليل التركيب الخارجي والداخلي للحبيبات دون إلحاق أي ضرر بالعينات النادرة، مما سمح بتحديد مكونات معدنية جديدة.

مكونات مبتكرة وغير مألوفة في العينات تُبرز معدن فوسفيد نادر

كشفت الفحوص الأشعة السينية عن مزيج معقد من المعادن مثل السيلينيوم والمنغنيز والحديد والكبريت والفوسفور والسيليكون والكالسيوم، وهما عناصر معروفة بأهميتها الجيولوجية والبيولوجية المحتملة، إلا أن ما أثار دهشة العلماء كان الفوسفور الموجود في شكلين مختلفين؛ الأول يشبه المعدن الذي يتواجد في عظام وأسنان الإنسان، والثاني معدن فوسفيد نادر الوجود على الأرض تمامًا ولم يُرصد في جيولوجيتها. وحلّت دراسات أعمق عام 2024 لتكشف عن وجود مركب فوسفات الأمونيوم المغنيسيوم المائي المعروف اختصارًا بـHAMP، الذي يشبه في بنائه معدن الستروفيت المرتبط بالنظم البيولوجية على كوكبنا، مما يعزز من أهمية هذا الاكتشاف في دراسة أصل المعقدات الكيميائية التي قد تفسر كيف بدأ التنوع البيولوجي.

كيف يُسهم اكتشاف معدن غامض من ريوجو في تفسير ظهور الحياة على الأرض؟

يرى عالم الأحياء الفلكية ماثيو باسيك أن اكتشاف حبيبات HAMP في عينات ريوجو يبرز الدور المحتمل للمادة الكونية القادمة من الفضاء في نشأة الحياة على كوكبنا، مؤكدًا أن الجذور الكيميائية للحياة قد لا تكون قد نشأت على الأرض أصلاً، بل يمكن أن تكون قد انتقلت من الكويكبات والمذنبات الغنية بالكربون. يُذكر أن ريوجو ينتمي إلى فئة الكويكبات الغنية بالكربون، التي تُعتبر بمثابة كبسولات زمنية كيميائية لم تتغير منذ بداية تشكّل النظام الشمسي قبل أكثر من 4.5 مليار سنة، ما يجعل معادنها ومركباتها العضوية تعكس المكونات الخام للحياة بصورة دقيقة. هذا الاكتشاف يفتح أبوابًا لفهم الكيمياء المعقدة التي محرّكتها الظروف الفضائية قبل تشكل المحيطات والغطاء الجوي على الأرض.

  • إعادة 5.4 غرامات نقيّة من كويكب ريوجو بواسطة مهمة هايابوسا 2
  • تحليل العينات باستخدام الأشعة السينية وتقنيات متقدمة في مختبر بروكهافن الوطني
  • اكتشاف معدن فوسفيد نادر وهو غير موجود في جيولوجيا الأرض
  • تحديد مركب فوسفات الأمونيوم المغنيسيوم المائي HAMP الشبيه بالستروفيت
  • دليل على ارتباط المعادن الفضائية بأصل الحياة على كوكب الأرض
العنصرالدور المحتمل
الفوسفور (شكلان)مكون حيوي في العظام والأسنان، ومعدن فوسفيد نادر
فوسفات الأمونيوم المغنيسيوم المائي (HAMP)بنية مشابهة للستروفيت، يصلح في الأنظمة البيولوجية

تلك القطعة النادرة من كويكب ريوجو، رغم صغر حجمها، تحمل في طياتها تركيبًا معدنيًا معقدًا وغير مألوف يحمل مفتاحًا لفهم لغز نشأة الحياة على كوكب الأرض؛ إذ أن الأرض، بعواملها الطبيعية المتعددة مثل التكتونيات والتآكل والتحول، تعاني من مسح معظم سجلاتها الجيولوجية القديمة، بينما لا تزال هذه المادة الفضائية تحتفظ بسجل فريد لنظائرها التي سبقت وجود محيطات أو غلاف جوي أو سطح صلب لكوكبنا، ما يجعل كل ذرة من تلك الحبيبات إرثًا ثمينًا يغذي البحث العلمي نحو فهم أعمق عن الكيمياء الكونية وأصل الحياة.