2025 الإنفاق.. تعزيز الاقتصاد السعودي بدعم تعليمي متجدد

الاستثمار في التعليم النوعي يمثل المفتاح الأساسي لتعزيز التنمية المستدامة وزيادة تنافسية الاقتصاد الوطني ضمن البيئة العالمية؛ فهو وسيلة فعالة لتحويل المعرفة إلى موارد اقتصادية تدفع عجلة النمو والابتكار، خاصة مع تسارع التطورات التكنولوجية التي تجعل التعليم محركًا رئيسيًا لتقوية القدرات الوطنية وتحقيق التفوق الاقتصادي.

كيف يسهم الاستثمار في التعليم النوعي في رفع تنافسية الاقتصاد الوطني؟

تشير تقارير اليونسكو إلى أن الاقتصادات التي تركز على الاستثمار في التعليم النوعي، المبني على الابتكار والاعتماد على التقنيات الحديثة، تشهد تطورات واضحة في مكانتها الاقتصادية على المستوى العالمي؛ إذ يسرّع هذا الاستثمار من وتيرة التحول الوطني ويقوي تأسيس اقتصاد معرفي قوي ومستدام. خلال منتدى التعليم العالمي الذي عقد عام 2025 في لندن، تم التأكيد على أن الاستثمار في التعليم النوعي لا يعد عبئًا ماليًا مؤقتًا؛ بل هو ضرورة استراتيجية ملحة لسد فجوة تمويل تقدر بأكثر من 97 مليار دولار. ويتضمن المنتدى تبني مجموعة من أدوات التمويل المتنوعة مثل التمويل المختلط، والاستثمار المؤثر، وآليات تبادل الديون، كلها تهدف إلى ضمان استمرارية الموارد المالية وحماية استدامة هذا القطاع الحيوي.

نماذج عالمية ناجحة للاستثمار في التعليم النوعي ودوره في دعم اقتصاد المعرفة

تظهر تجربة دول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة كيف يمكن للاستثمار في التعليم النوعي أن يشكل قاعدة متينة للتحول إلى اقتصاد معرفي متطور؛ حيث يتجلى الارتباط الواضح بين جودة التعليم ونمو الصناعات التقنية وزيادة إنتاجية القطاعات الاقتصادية المحلية. وتعد الولايات المتحدة نموذجًا بارزًا من خلال التفاعل المستمر بين الجامعات والقطاع الخاص، ما أسهم في ظهور مراكز ابتكار عالمية مثل وادي السيليكون؛ إذ كان للاستثمار المباشر وغير المباشر في التعليم النوعي دور محوري في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحفيز الابتكار التكنولوجي بوتيرة متسارعة.

رؤية المملكة 2030 للاستثمار في التعليم النوعي ودعم اقتصاد المعرفة المستدام

تتبنى المملكة العربية السعودية عبر رؤية 2030 استراتيجية مدروسة لتعزيز الاستثمار في التعليم النوعي وربطه بالتوجه نحو اقتصاد معرفي قوي عبر عدة مبادرات، منها برنامج الابتعاث الخارجي الذي يهدف لبناء رأس مال بشري مؤهل عبر اكتساب الخبرات العلمية والعملية دوليًا، بالإضافة إلى برنامج “ادرس في السعودية” الذي يرفع من مكانة المملكة كمركز تعليمي إقليمي متقدم. كما تلعب هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار (RDI) دورًا حاسمًا في تشكيل جسر بين التعليم العالي والبحث العلمي مع تركيز خاص على مجالات استراتيجية مثل الطاقة، والذكاء الاصطناعي، والصحة، والبيئة. تسهم هذه الجهود في تحويل نتائج الأبحاث إلى قيمة اقتصادية تعزز من تنويع الاقتصاد وتنشيطه. وتسعى المملكة أيضًا إلى دمج الذكاء الاصطناعي والبرمجة في المناهج الدراسية بداية من 2025، لتحضير أجيال قادرة على مواجهة تحديات الاقتصاد الرقمي. ويشمل الدعم توسيع نطاق واحات التقنية والمراكز البحثية التي تسهل تحويل الابتكار إلى مشاريع تجارية وشركات ناشئة، بالإضافة إلى تطوير التعليم التقني والمهني لتلبية احتياجات سوق العمل. كما تؤكد الاستراتيجية أهمية تعزيز الشراكات بين الجامعات وقطاعات الأعمال لتوجية مخرجات التعليم بشكل يدعم الاقتصاد المعرفي.

• برنامج الابتعاث لتطوير رأس المال البشري وفق متطلبات سوق العمل العالمي
• دمج الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج التعليمية لتأهيل أجيال تتناسب مع اقتصاد المعرفة الرقمي
• شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص تضمن توافق مخرجات التعليم مع حاجات السوق وتعزز الابتكار الاقتصادي

يعتبر بعض الخبراء أن الاستثمار في التعليم النوعي لا يقتصر على كونه تكلفة تقليدية، بل هو محرك اقتصادي مهم يعزز الناتج المحلي الإجمالي ويخلق بيئة تنافسية مستدامة؛ فهو الهيكل الأساسي الذي يحدد موقع الدول على خارطة الاقتصاد العالمي. ويتطلب النجاح في هذا المجال ترجمة السياسات والاستراتيجيات إلى ممارسات عملية تراعي خصوصيات كل نظام تعليمي، وتلبي الاحتياجات الوطنية مع الاستفادة من الخبرات العالمية لتحسين السياسات المحلية. يبقى الاستثمار في التعليم النوعي الركيزة التي تضمن تمكين الأجيال القادمة لقيادة التحول الوطني نحو اقتصاد معرفي يرتكز على الكفاءة والابتكار.