الاستجابة الدعائية.. علماء يوضحون حقيقة استجابة الدعاء في المولد النبوي الشريف

هل الدعاء في المولد النبوي الشريف مستجاب؟ هذا السؤال يتكرر كثيرًا مع اقتراب ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يسعى المسلمين لاستثمار هذا اليوم العظيم في التقرب إلى الله بالعبادات والدعوات، متسائلين عن مدى استجابة الدعاء في هذه المناسبة المباركة.

هل الدعاء في المولد النبوي الشريف مستجاب بالفعل؟

هناك رأيان بين أهل العلم حول استجابة الدعاء في المولد النبوي الشريف؛ الرأي الأول يشير إلى أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته رضوان الله عليهم تخصيص دعاء معين في يوم مولده، ويعتمد هذا الرأي على أن العبادات كلها توقيفية لا تزيد ولا تنقص بما لم يرد عن النبي، مع العلم أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان نعمة سبحانه وتعالى على البشرية، وقد أشار النبي بنفسه إلى فضل يوم ولادته عندما سئل عن صيام يوم الاثنين، فأجاب: «فيه ولدت»، مما يدل على أن الصيام فيه شكر لله تعالى. أما الرأي الثاني، فهو يؤكد أن الدعاء مستجاب في كل حين ما دام العبد يدعو بخير ولا يقصد إثمًا أو قطيعة رحم، مشددين على أهمية تحري الحلال في كل أقواله وأفعاله كي تُهيأ أسباب قبول الدعاء. من جهة أخرى، العديد من المسلمين يصومون يوم المولد النبوي اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويُعتبر دعاء الصائم أرجى للقبول، ما يجعل الدعاء في هذا اليوم أكثر رجاءً لاستجابته، لا سيما إذا كان صادق النية ومتجهًا بقلبه لله عز وجل.

شروط استجابة الدعاء في يوم المولد النبوي الشريف

يتفق العلماء على أن الدعاء المستجاب يتطلب توافر بعض الشروط التي وضحها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، حيث يجب أن يبدأ العبد دعاءه بتمجيد الله والثناء عليه، ثم بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك يطلب حاجته، وهو الترتيب الذي يُعزز من فرص استجابة الدعاء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء». هذا الترتيب يوضح كيفية طلب الحاجة من الله بطريقة تقرب العبد إلى ربه.

أوقات وأحوال يُرجى فيها استجابة الدعاء في يوم المولد النبوي الشريف

يُرد في الأحاديث النبوية أن هناك أوقاتًا خاصة يكون فيها الاستجابة للدعاء أقرب، وبما أن يوم المولد النبوي مناسبة عظيمة، فإن تحري هذه الأوقات في هذا اليوم يُعد فرصة ثمينة. من هذه الأوقات:

• الثلث الأخير من الليل، وهو وقت نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا، حيث يقول: «هل من سائل فأعطيه، هل من داعٍ فاستجيب له»
• أثناء السجود، فقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم العناية بالدعاء في هذا الموضع قائلاً: «أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم»
• الساعة التي لا يُوافقها عبد مسلم يوم الجمعة يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه إياه

هذه الأوقات يزيد فيها ثناء الله على دعاء عباده، لذا فإن استغلالها خلال المولد النبوي الشريف يجعل الدعاء فيه أرجى للقبول، خصوصًا إذا توافرت شروط الدعاء المستجاب من إخلاص ونقاء نية.

يبقى الدعاء في المولد النبوي الشريف من العبادات التي يحرص المسلمون على إحيائها طلبًا لرحمة الله ورضوانه، بشرط أن يتم بالدعاء الخالص والطهارة النية، فالدعاء حينها يكون نابعا من القلب في يوم ذكرى ولادة خير الأنام، مما يضفي على الدعاء قيمة روحية عظيمة.