ترامب يضغط على الاحتياطي الفيدرالي بالإقالات.. و الأسواق تنتظر التحديثات الآن

سيطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحكومة الفيدرالية بقرارات إقالات متسلسلة لاختبار مدى تمكّنه من تعزيز سلطاته السياسية والإدارية في مؤسسات مستقلة غالبًا عن التوجّهات السياسية المباشرة، حيث أقدم خلال ثلاثة أيام على إقالة كل من عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، ومديرة مراكز السيطرة على الأمراض سوزان موناريز، والمنظم بقطاع السكك الحديدية روبرت بريموس، في تحرك أثار الكثير من الجدل حول مستقبل الاستقلالية في الأجهزة الحكومية.

تأثير إقالات ترامب على استقلالية الحكومة الفيدرالية

تحركات ترامب الأخيرة في إقالة مسؤولين بارزين في الحكومة الفيدرالية تعكس رغبته الواضحة في فرض السيطرة على مؤسسات يُنظر إليها عادة على أنها تستند إلى خبرات مستقلة بعيدًا عن التدخلات الحزبية السياسية، مما أحدث ارتباكًا واسع النطاق في الأسواق المالية وسياسات الصحة العامة، إلى جانب تراجع ثقة الجمهور في هذه المؤسسات. ويعتقد خبراء متخصصون أن هذه الإقالات قد تشكل تهديدًا مباشرًا لهيبة الوكالات الحكومية، التي يفترض أن تكون سلطة متوازنة تقدم خبرات مستقلة لكل من القطاع الخاص والرئاسة بعيدًا عن انحيازات حزبية، كما يخشى أن تستهدف هذه الخطوات لاحقًا استقلالية مؤسسات أخرى بنفس الأسلوب.

قال ماكس ستير، رئيس «الشراكة من أجل الخدمة العامة»: «ما نشهده هو توسيع غير مسبوق في سلطات الرئيس ويشكّل خطوة خطيرة تهدد جوهر الاستقلالية داخل الحكومة الفيدرالية.. دون احترام لأي ضوابط أو حدود موجودة».، الأمر الذي دفع العديد من المراقبين إلى التساؤل حول مصير استقلالية الحكومة الفيدرالية مع تصاعد هذه الإقالات.

ترامب بين سلطاته القانونية وفرض أجندته داخل الحكومة الفيدرالية

أكدت مصادر رسمية في البيت الأبيض أن الرئيس ترامب يتصرف ضمن صلاحياته القانونية الممنوحة له بهدف تنفيذ الأجندة التي انتُخب لأجلها، مشيرة إلى أن إقالة موناريز وبريموس جاءت بسبب عدم توافقهما مع هذه الأجندة. جديد ذلك أن موناريز، التي تقلدت المنصب منذ أقل من شهر، رفضت تعديل سياسات اللقاحات الذي اعتبرته غير مستند إلى أبحاث علمية، بينما تعرض بريموس لاتهامات بسبب منشوراته على وسائل التواصل، التي فُسرت على أنها انتقادات صريحة لسياسات ترامب ما أثار توترًا في العلاقة مع الإدارة.

كما اتهمت الإدارة ليزا كوك بارتكاب احتيال عقاري؛ وهو الاتهام الذي نفته بشدة، لكن ترامب كشف في اجتماع أنه يخطط للحصول على أغلبية من الموالين له في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، مما يمنحه فرصة قوية للتأثير في تحديد أسعار الفائدة، والتي يرغب في خفضها. هذا السياق يؤكد مدى حرص ترامب على استخدام كل الوسائل المتاحة للهيمنة على مؤسسات الحكومة الفيدرالية وتحويلها لتنفيذ رؤيته بشكل كامل.

الآثار القانونية والتحديات على سيطرة ترامب في الحكومة الفيدرالية

تبعًا لذلك، رفعت ليزا كوك دعوى قضائية ضد ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي تؤكد فيها أن الادعاءات الموجهة إليها لا تشكل أساسًا قانونيًا كافيًا لعزلها، كما رفضت سوزان موناريز الاستقالة، واعتبر روبرت بريموس إقالته «باطلة قانونيًا». ويُعد موقف ترامب استثنائيًا، في ظل أن غالبية رؤساء الولايات المتحدة يتجنبون بشكل عام التدخل المباشر في عمل الاحتياطي الفيدرالي أو المساس بأعضاء مجلس محافظيه، إنما ترامب تحدى هذه القواعد التي تُعتَبر حماية أساسية لاستقرار الاقتصاد.

ذكرت جين مانرز، أستاذة القانون بجامعة فوردهام: «إذا سُمح بهذه الإقالات في الاحتياطي الفيدرالي، فإن الأمر سيمثل بداية انهيار متسلسل يؤدي إلى فقدان الجهاز الإداري لقرارات خبراء مستقلين بعيدًا عن الضغوط السياسية المباشرة»، وهو ما يعكس مدى خطورة الخطوة على مستقبل استقلالية الحكومة الفيدرالية والمؤسسات التابعة لها، خاصة في ظل جرأة ترامب المتزايدة خلال أقل من سبعة أشهر من ولايته.

في سياق متصل، دخل ترامب رحلة صراعات علنية مع قطاعات أخرى، حيث اضطرت سلسلة مطاعم «كراكر باريل» للتراجع عن إعادة تصميم شعارها بعد ضغوط من الرئيس، كما كسر التقاليد الجمهورية بطرح صفقة حكومية لامتلاك 10% من أسهم شركة «إنتل» مقابل حصص من عائدات شركة منافسة، ويتجه لفرض شروط جديدة على الجامعات الخاصة عبر ربط التمويل الحكومي بشروط إضافية، معززة بذلك سيطرته على القطاع العام والخاص على حد سواء.

  • إقالة المسؤولين المخالفين لأجندة ترامب
  • تعيين مساعدين ذوي ولاء سياسي لمراقبة عمل المؤسسات
  • تعزيز مراكز المسؤولين الموالين مثل بريندان كار وويليام بولتي

يقول دانيال فربر، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا بيركلي: «الرئيسات السابقة احترمت ضرورة وجود قرارات خبراء مستقلة في الوكالات الحكومية، بينما يرى ترامب أن هذه القرارات يجب أن تُدار وفق رؤيته الخاصة، ويعامل الحكومة الفيدرالية كمؤسسة شخصية يتولى قيادتها بأسلوبه المنفرد». وتتضح من هذه الخطوات أن الحكومة الفيدرالية تشهد تحولات عميقة بفعل هذه التحركات الهادفة إلى فرض سيطرة كاملة على كل جوانب عملها، مع تبعات واضحة على المؤسسات العامة والثقة الشعبية بها.