ثني الضوء.. اليابان تبتكر مغناطيسًا فريدًا لا يجذب الحديد ويتحدى القوانين الفيزيائية

الألترمغناطيسية في المواد العضوية تمثل اكتشافًا ثوريًا في عالم الفيزياء والمغناطيسية حيث تم الكشف عن نوع جديد من المغناطيس لا يجذب المعادن لكنه يؤثر في ضوء بطريقة مذهلة؛ إذ يمكنه تغيير اتجاه اهتزازه، مما يفتح آفاقًا جديدة في فهمنا للظواهر المغناطيسية وتأثيراتها على الضوء وتطبيقاتها المستقبلية.

ما هي الألترمغناطيسية وكيف تختلف عن أنواع المغناطيس التقليدية؟

لفهم ظاهرة الألترمغناطيسية، يجب أن نعرف أن المغناطيسية ليست نوعًا واحدًا فقط، بل تشمل عدة أشكال متنوعة؛ المغناطيسية الحديدية، مثل الحديد والنيكل، حيث تتراص جميع الإلكترونات وتتجه في نفس الاتجاه مما يولد مجالًا مغناطيسيًا قويًا؛ أما المغناطيسية المضادة فتتمثل بتوزيع الإلكترونات واللفات بطرق متعاكسة تلغي تأثير بعضها البعض، فتختفي المجالات المغناطيسية الخارجية رغم ترتيب البنية الداخلية، وهذا يجعل المادة لا تبدو مغناطيسية خارجيًا.
في المقابل، الألترمغناطيسية هي ظاهرة فريدة لا يظهر فيها مجال مغناطيسي خارجي صافٍ، ولكن تنتظم العزوم المغناطيسية بتوزيع خاص يؤثر على حركة الإلكترونات والضوء بطرق غير مألوفة، فتبدو المادة مغناطيسيا محايدة لكنها تحمل بصمة مغناطيسية خفية تظهر فقط عند استخدام تقنيات متقدمة للكشف عنها.

كيفية اكتشاف الألترمغناطيسية في المواد العضوية وأهميتها العلمية

حتى وقت قريب، كانت الألترمغناطيسية مجرد فرضية نظرية بسبب عدم ظهور أي مجال مغناطيسي خارجي واضح، ما صعب اكتشافها بأجهزة الكشف التقليدية التي تقيس الحقول المغناطيسية بسهولة في الأنواع الأخرى من المغناطيس؛ إلا أن فريق باحثين من جامعة توهوكو اليابانية تعاون مع معاهد بحثية أخرى وطور معادلة مبتكرة تستند إلى قوانين ماكسويل الخاصة بالضوء لتسمح بدراسة خصائص المواد المعقدة مثل البلورات العضوية.
بعد ذلك، استخدم الباحثون قياسات دقيقة تعتمد على “تأثير كير المغناطو-بصري” الذي يكشف تغير استقطاب الضوء عند انعكاسه عن مادة مغناطيسيةٍ، وما كشفت عنه تلك القياسات كان جليًا؛ حيث ظهرت دلائل واضحة تثبت أن البلورات العضوية التي درسها الفريق تحتوي فعليًا على مغناطيسية ألترمغناطيسية حقيقية.

تطبيقات الألترمغناطيسية في المواد العضوية ومزاياها المستقبلية

يؤكد الأستاذ ساتوشي إيغوتشي، الباحث بجامعة توهوكو، أن هذا الاكتشاف يوسع نطاق استكشاف المغناطيسية ليشمل مواد جديدة، لا سيما المركبات العضوية التي تتميز بخفة وزنها ومرونتها، وهو ما يفتح آفاقًا لتطوير أجهزة مغناطيسية عالية الأداء تعتمد على مواد خفيفة وقابلة للثني.
ومع استمرار الاختبارات في مراحلها الأولى، فإن إثبات وجود الألترمغناطيسية في مادة عضوية بدلًا من المعادن الثقيلة التقليدية يمثل تقدمًا نوعيًا في الفيزياء؛ إذ يمكن للخصائص الفريدة للألترمغناطيسية أن تدعم ابتكارات تقنية في مجالات الحوسبة، الصناعة، والاتصالات البصرية، حيث يصبح التحكم الدقيق في استقطاب الضوء ممكنًا، مما يعزز من كفاءة المستشعرات وأجهزة الاتصالات الحديثة.

• خفة الوزن والمرونة في المواد العضوية المغناطيسية
• تغيير دقيق لاستقطاب الضوء باستخدام الألترمغناطيس
• إمكانيات لتطوير أجهزة مغناطيسية مبتكرة عالية الأداء
• فتح آفاق جديدة في الحوسبة والصناعة والاتصالات

يبقى الألترمغناطيس أحد المجالات البحثية التي ستغير من فهمنا للمغناطيسية وعلاقتها بالضوء، مع تقديم إمكانيات متطورة تمكن من ابتكار تقنيات جديدة تعتمد على مزايا المواد العضوية الفريدة؛ فينتظر العلماء والعالم مستقبلًا يغني به هذا الاكتشاف المعرفي ويُحدث نقلة نوعية في الأجهزة والتقنيات المغناطيسية المعاصرة.