ابتكار الإبداع.. كيف تحولت صحيفة مكة الإلكترونية من التلقين إلى منصة تميز وإبداع؟

التعليم في المملكة العربية السعودية وتطوره وفقاً للمعايير الدولية يعد محوراً أساسياً في بناء الإنسان، حيث يشهد تطويراً مستمراً يصدر من خلال تقارير الأداء الدولي لطلاب المدارس، ترتيب التعليم الجامعي، البحث العلمي، ومستويات التنافسية العالمية؛ ومع ذلك، يتعرض التعليم في البلاد لتحديات متعددة تتقاطع فيها الأبعاد الاقتصادية، المالية والسياسية، مما يستدعي وضع حلول مبتكرة وسياسات مرنة تتماشى مع المتغيرات المحلية والدولية.

تقييم قدرات وتقويم التعليم في المملكة العربية السعودية

في عام 2019، حصلت المملكة العربية السعودية على تصنيف مرتفع من منظمة اليونسكو، حيث حصلت على المستوى الرابع من أصل خمسة ضمن مؤشر “قدرات تقويم التعليم”، مما يعكس كفاءتها في جمع البيانات الوطنية والمشاركة الفعالة في الدراسات الدولية؛ ويأتي ذلك ضمن جهود المملكة التي أطلقت المركز الإقليمي للجودة والتميز في التعليم (RCQD) عام 2014 برعاية اليونسكو، ليكون رافداً مهماً في تعزيز جودة التعليم في العالم العربي بشكل عام، ويتضح ذلك من التجربة الرائدة التي قدمتها المملكة في الحوكمة الفعالة للتعليم الإلكتروني أثناء جائحة كورونا من خلال مركز التعليم الإلكتروني، الذي اعتُبر نموذجاً عالمياً في ضبط الجودة وتطوير المنصات التعليمية الإلكترونية.

يُعد تطبيق منصة “مدرستي” أكبر مبادرة تعليمية إلكترونية في العالم العربي شهادة على الحوكمة التعليمية الناجحة في المملكة، وقد وثقت اليونسكو هذه التجربة كأفضل الممارسات العالمية، وكان اتفاق التعاون بين المملكة واليونسكو دافعاً لإصلاح منظومة التعليم؛ شمل ذلك رفع أعداد المقاعد الجامعية ضمن برامج اليونسكو وتمكين خريجي الجامعات من المشاركة في التطوع والتدريب ضمن برامج المنظمة.

تعزيز جودة التعليم والتحول الرقمي في رؤية المملكة 2030

تُصنف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التعليم ضمن أولوياتها في التحول نحو اقتصاد معرفي يرتكز على جودة عالية، وإرساء حوكمة فعالة، ودعم التحول الرقمي؛ ولتحقيق ذلك، وضعت المملكة استراتيجيات ترتكز على الجودة والتطوير المستمرين، بما يتوافق مع المعايير الدولية التي حددتها منظمات مثل البنك الدولي، اليونسكو، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).

تشمل معايير جودة التعليم التي تتبناها المملكة العناصر التالية:

• جودة المناهج والبرامج التعليمية، مع التركيز على مواكبة متطلبات القرن الحادي والعشرين، والمواءمة مع المعايير الدولية، وتعزيز القيم الوطنية، وحقوق الإنسان، والاستدامة
• كفاءة المعلمين والتدريب المهني المستمر الذي يشمل مؤهلات المعلم، وبرامج التطوير، ونسبة عدد الطلاب إلى المعلم
• توفير بيئة مدرسية آمنة وصحية وبنية تحتية متطورة
• مخرجات التعلم والتحصيل العلمي وفقاً للاختبارات القياسية الدولية مثل PISA, TIMSS, PIRLS
• العدالة والشمولية في التعليم، مع ضمان تكافؤ الفرص ودمج ذوي الإعاقة
• إدارة النظام التعليمي والحوكمة التي تتضمن مشاركة المجتمع، والشفافية في العمليات التعليمية
• الكفاءة الاقتصادية للتعليم وربط مخرجاته بسوق العمل لتحسين الجدوى الاقتصادية

التحديات التي تواجه التعليم في المملكة وسبل التعامل معها

على الرغم من التحسن المستمر في جودة التعليم في المملكة العربية السعودية، يواجه النظام التعليمي تحديات متعددة؛ أبرزها الأبعاد الاقتصادية التي تؤثر على التمويل والكفاءة، والضغوط المالية التي تتطلب توزيعاً أكثر حكمة للموارد، والاعتبارات السياسية التي قد تؤدي إلى تعقيدات في اتخاذ القرارات التعليمية، إذ تتداخل هذه الأبعاد لتشكل أزمات تحتاج إلى استجابات مبتكرة وسياسات مرنة تواكب التحولات المحلية والعالمية.

انطلاقاً من هذه الواقع، يتوجب على صانعي القرار في المملكة تطوير حلول تعليمية ترتكز على الابتكار والتكيف السريع مع المتغيرات، مع تعزيز الشراكات الدولية لضمان الاستفادة من الخبرات العالمية؛ وهنا تظهر أهمية إرساء حوكمة فعالة، ودعم التحول الرقمي في مختلف مراحل العملية التعليمية، لتوفير بيئة تعليمية متقدمة ومتجددة تواكب احتياجات المستقبل.