تحديات كبرى.. أوروبا تكثف جهودها لاختراق أسواق جديدة وسط أزمات تجارية غير مسبوقة

تراجع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة وتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية أصبحا من أبرز التحديات التي تواجه السياسة التصديرية الأوروبية في ظل تغيرات السوق العالمية المتسارعة؛ إذ دفع هذا الواقع القارة الأوروبية إلى البحث عن استراتيجيات جديدة لتعزيز صادراتها وتوسيع نطاقها إلى أسواق آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بما يضمن حماية مصالحها الاقتصادية وتعزيز دورها في التجارة الدولية.

تراجع الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة وأهمية البحث عن أسواق جديدة

تشير أحدث البيانات إلى انخفاض صادرات دول الاتحاد الأوروبي الـ27 إلى الولايات المتحدة بنسبة 10% في يونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أدنى مستوى منذ نهاية عام 2023، مما أدى إلى تقلص الفائض التجاري الأوروبي الأمريكي من 12.7 مليار يورو إلى 1.8 مليار يورو؛ هذا التراجع يعكس تحديات الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي تصل إلى 15% على معظم السلع الأوروبية، إضافة إلى المنافسة الشرسة من القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة، مما يشير إلى ضرورة إعادة توجيه الاستراتيجية التصديرية الأوروبية.
التركيز المتزايد على استكشاف الأسواق في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية أصبح أمرًا حيويًا لتعويض الخسائر وحماية الفائض التجاري الأوروبي؛ إذ تسعى القارة العجوز إلى تنمية علاقاتها الاقتصادية في هذه المناطق ذات النمو السريع والفرص الواعدة.

تعزيز العلاقات التجارية الأوروبية مع آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية

أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في منتدى الاقتصاد العالمي في جنيف على أهمية بناء شراكات تجارية متينة مع دول خارج الولايات المتحدة؛ إذ رأت أن الاتفاقيات التجارية الحديثة ساهمت في تخفيف حالة عدم اليقين لكنها لم تزيلها بشكل كامل، خاصة مع تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية. البنك المركزي الأوروبي يخطط للنظر في هذه المتغيرات عند وضع توقعاته الاقتصادية لشهر سبتمبر، لتحديد مسار السياسة النقدية المناسبة في القادم من الفترات.
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي أنور القاسم أن التوجه الأوروبي يتطلب استغلال الفرص المتاحة في أسواق آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام والهند، وذلك بجانب تعزيز العلاقات الاستثمارية مع الصين والدول النامية. كما أكد على أهمية تركيز الجهود على أفريقيا وأمريكا اللاتينية، لاستثمار الفرص الاقتصادية هناك وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات.

التحديات التي تواجه التصدير الأوروبي وحاجة اليورو إلى دعم تنافسي

تواجه أوروبا تحديات في تعزيز تجارتها مع الدول المجاورة رغم الاتفاقيات السابقة، حيث يشير الخبير الأوروبي محمد رجائي بركات إلى أن النفوذ الصيني المتنامي يعيق قدرة أوروبا على المنافسة؛ إذ قامت الصين بتوسيع نفوذها في الأسواق الإفريقية من خلال مبادرة الحزام والطريق التي تضم استثمارات ضخمة في البنية التحتية ومشاريع التنمية الاقتصادية.
في هذا السياق، حدد الخبراء أن الحفاظ على سعر اليورو منخفضًا يلعب دورًا رئيسًا في دعم القدرة التنافسية للصادرات الأوروبية؛ فالعملة الميسرة تعزز جاذبية المنتجات الأوروبية في الأسواق العالمية، مما يدعم النمو الاقتصادي القاري ويقلل من آثار الضغوط الخارجية.
جدول يوضح تغير صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة في 2023:

• توجيه الصادرات نحو أسواق آسيا المتنوعة مثل اليابان والهند.
• استغلال فرص النمو في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
• تطوير الاستثمارات في الصين والدول النامية لتعويض النقص في الأسواق الأمريكية.

التحولات الاقتصادية الحالية تشكل اختبارًا حاسمًا لاستراتيجية التصدير الأوروبية، التي يجب أن تراعي التوازن بين الحفاظ على الشراكات التقليدية وتوسيع نطاقها بعيدًا عن الضغوط الجمركية والمنافسة المتزايدة.