خفض تاريخي.. آسيا تواجه ضغوط ترمب وتستعد لخفض غير مسبوق في أسعار الفائدة

خفض أسعار الفائدة للبنوك المركزية في آسيا بوتيرة متسارعة يعد تحركاً مفاجئاً في ظل التوترات التجارية العالمية، وقد تعزز تلك السياسة جهود مواجهة تباطؤ النمو الناتج عن الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على المنطقة. هذا التوجه الجديد شوهد بوضوح بعدما قررت إندونيسيا ونيوزيلندا خفض الفائدة، مما يعكس استعداد بنوك مركزية أخرى مثل كوريا الجنوبية والفلبين للانضمام إلى هذا المسار خلال الأشهر المقبلة في سياق التيسير النقدي.

خفض أسعار الفائدة للبنوك المركزية في آسيا: مواجهة مخاطر التضخم وسط دعم الفيدرالي الأميركي

على الرغم من أن خفض أسعار الفائدة للبنوك المركزية في آسيا عادةً ما يضع ضغوطًا على العملات مقابل الدولار ويثير المخاوف بشأن التضخم، فإن التيسير النقدي المتوقع من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الشهر المقبل يوفر هامشاً لتخفيف هذه المخاوف. يترقب الأسواق تصريحات جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، خلال الاجتماع السنوي للبنك في جاكسون هول لمعرفة مدى تأكيد توجهات التيسير النقدي. انخفاض الدولار الأميركي هذا العام ساعد في دعم معظم العملات الآسيوية أمام العملة الأميركية، مما يعزز قدرة هذه الدول على تبني سياسات مالية مرنة تعزز النمو.

“سيتي غروب” وتوقعات خفض أسعار الفائدة للبنوك المركزية في آسيا مع تصاعد الأعباء الجمركية

أوضح ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين في “سيتي غروب”، أن أفضل الحلول تكمن في تيسير السياسة النقدية خارج الولايات المتحدة، نظراً لأن الرسوم الجمركية المتزايدة تضع ضغوطاً إضافية على الأجور والأسعار. يشهد الاقتصاد الآسيوي تباطؤاً منتظراً خلال النصف الثاني من العام بسبب سريان الرسوم الجمركية المتبادلة وهبوط الزخم في الصادرات التي تسارعت سابقاً.
توقع خبراء “مورغان ستانلي” موجة من خفض أسعار الفائدة في آسيا، مع رفع نسبة الرسوم الأميركية على منتجات المنطقة من 5% إلى 25% منذ بداية العام، كما يرجحون خفضاً يصل إلى 125 نقطة أساس (1.25%) في الفلبين بحلول 2026، وخفضاً بواقع 50 نقطة أساس (0.5%) لكلاً من كوريا الجنوبية وتايلندا وأستراليا وماليزيا وتايوان.
وعلى نفس السياق، أكد بنك الاحتياطي النيوزيلندي أن ضعف الطلب المحلي سينعكس على انخفاض الأجور والأسعار، ما يستدعي تخفيضات أوسع في أسعار الفائدة مما كانت الأسواق تتوقع في البداية.

صرف أنظار الأسواق نحو خفض أسعار الفائدة للبنوك المركزية في آسيا بعد مفاجأة إندونيسيا

قرار بنك إندونيسيا المفاجئ بخفض أسعار الفائدة صدم الأسواق، وأدى إلى تعديل توقعات مؤسسات مثل “غولدمان ساكس” و”أستراليا آند نيوزيلند بانكينغ غروب” لتوقعات نهاية دورة التيسير الحالية باتجاه مستويات أدنى من الأسعار، كما قدّمت “سيتي غروب” توقعاتها بخفضات بفترات أقرب.
وقد تعكس البيانات المالية هذا التوجه، حيث شهدت عقود المبادلة لأجل ثلاثة أشهر تراجعاً في تايلندا وماليزيا والفلبين خلال أغسطس، مما يدل على زيادة الرهانات على مزيد من التيسير النقدي.
في الفلبين، يفترض السوق خفضاً قريباً من 40 نقطة أساس في نصف السنة القادمة مقارنةً مع توقعات 10 نقاط في يونيو، بينما تتوقع الأسواق خفض 43 نقطة أساس من بنك الاحتياطي النيوزيلندي مقابل 33 نقطة في التوقعات السابقة.

  • خفض أسعار الفائدة هدفه دعم النمو الاقتصادي المستدام
  • تيسير السياسة النقدية أداة لمواجهة تداعيات الرسوم الجمركية المتزايدة
  • مراقبة تحركات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لتحديد وتيرة التيسير العالمي
  • توقع استمرار خفض الفائدة في دول آسيا الأخرى خلال الفترة المقبلة
البلد التخفيض المتوقع في أسعار الفائدة
الفلبين 125 نقطة أساس حتى 2026
كوريا الجنوبية 50 نقطة أساس
تايلندا وأستراليا وماليزيا وتايوان 50 نقطة أساس لكل دولة

تكشف التطورات الاقتصادية في آسيا عن تحديات جديدة، إذ أظهر الاقتصاد الإقليمي قوة نسبية خلال النصف الأول من العام بدعم من المفاوضات التجارية والتوريدات الاستباقية لتفادي الرسوم الجمركية، مما رفع وتيرة الصادرات مؤقتًا. لكن العقوبات الجمركية المرتفعة التي دخلت حيز التنفيذ تشير إلى احتمال تأثير سلبي شديد، خاصة على تايلندا وفيتنام في جنوب شرق آسيا، حسب “أوفرسي-تشاينيز بانكينغ كورب”.
يرى خبراء “أو سي بي سي” بقيادة لافانيا فينكاتسواران أن البنوك المركزية ستكون القوة الدافعة الرئيسة خلال الفترة القادمة لمواجهة التحديات، من خلال استراتيجيات خفض أسعار الفائدة، في حين سيظل الدعم المالي ضمن برامج أكثر استهدافاً، مضيفين أن المكاسب المؤقتة الناتجة عن الشحنات الاستباقية تقترب من النفاد، مما سيضع ضغوطاً على نمو الصادرات مستقبلاً.