مخازن سرية.. تفاصيل مثيرة عن مواقع تخزين وبيع المحروقات في السوق الموازية بليبيا

الكشف عن مواقع لتخزين المحروقات وبيعها في السوق الموازية في ليبيا يشكل أزمة متصاعدة تؤثر على استقرار الاقتصاد المحلي وحياة المواطنين، خصوصًا مع توسع شبكات التهريب غير المشروعة التي تستغل ضعف الرقابة لاستنزاف الموارد وتهريب الوقود المدعوم إلى الأسواق الخارجية بأسعار مضاعفة.

حملات النيابة العامة الليبية للكشف عن مواقع تخزين المحروقات وبيعها في السوق الموازية

كثفت النيابة العامة الليبية مؤخراً حملاتها للكشف عن مواقع تخزين المحروقات وبيعها في السوق الموازية، حيث نفذت عدة مداهمات متزامنة في مناطق حدودية وغربية، أسفرت عن ضبط أكثر من مئة ألف لتر من البنزين والديزل المهرب، ما يعكس حجم الاتجار غير المشروع المتنامي بهذه المادة الحيوية. وحسب بيان رسمي صادر عن النيابة، قامت وحدة الضبط القضائي بالتعاون مع مكتب تحريات المنطقة الحدودية بانتقالها إلى 11 موقعاً في بلديتي زوارة، التي تبعد 117 كلم غرب طرابلس، وزلطن، المُخصصة بشكل غير قانوني لتخزين الوقود وبيعه في السوق الموازية بعيداً عن الشرعية.

وأسفرت هذه العمليات عن ضبط 15 ألف لتر من المحروقات، بالإضافة إلى رصد أدلة تشير إلى عمليات نقل المحروقات بين مواقع مختلفة، إلى جانب توقيف سبعة أشخاص وافدين متورطين. وأصدرت النيابة أوامر بإغلاق تلك المواقع وملاحقة أفراد الشبكات المشاركة في النشاط غير القانوني. وفي بلدية العجيلات، التي تبعد 93 كلم غرب العاصمة، نفذت وحدة الضبط القضائي عملية إضافية مستهدفة موقعين في منطقتي السدرة والجديدة، حيث ضبطت مستوعبات تضم حوالي 86 ألف لتر من البنزين والديزل المهرب. وتم توجيه التحفظ على المحروقات وإغلاق هذه المواقع بالكامل، مع متابعة قضائية ومحاسبة المسؤولين عنها.

ظاهرة تهريب الوقود وتأثيرها على الاقتصاد المحلي في ليبيا

تُعد ظاهرة تهريب الوقود من أبرز التحديات التي تواجه ليبيا منذ سنوات، وخصوصاً عبر الحدود الغربية والجنوبية، حيث يُباع الوقود بأسعار مدعومة محلياً، ليُعاد تهريبه وبيعه في دول الجوار بأسعار مرتفعة تفوق القيمة الحقيقية. هذه التجارة غير المشروعة تنمي أرباح شبكات منظمة، بينما تسبب خسائر مالية فادحة للخزينة العامة تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويًا. ويعتبر تصعيد النيابة العامة بحملاتها ضد هذه الظاهرة محاولة للحد من هذه التجارة المدمرة، في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتنامية الناجمة عن أزمات الوقود المتكررة، والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين ومستوى النشاط الاقتصادي.

توضح المعطيات أن شبكات التهريب استغلت الفجوات الأمنية والسياسية التي تلت سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، مع تفاقم الوضع بعد انقسام ليبيا عام 2014 بين سلطتين متنازعتين في الشرق والغرب، ما أدى إلى خسارة الخزينة العامة نحو 750 مليون دولار سنويًا، حسب تقديرات منظمة «ذا سنتري» الدولية المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية.

أزمة محروقات مستمرة وتوافر الوقود وسط تضارب المعطيات في ليبيا

يعيش المواطنون الليبيون حالة من الأزمة في الحصول على المحروقات خلال الأسابيع الماضية، رغم التأكيدات الرسمية من شركة البريقة لتسويق النفط على وجود كميات كافية من الوقود، مع عمل بعض محطات التزويد على مدار الساعة لتلبية الطلب المتزايد. ويُعتبر سعر لتر البنزين في ليبيا من بين الأرخص عالميًا، إذ يبلغ حوالي 0.150 دينار ليبي (ما يعادل 0.03 دولار) وفقًا لموقع “غلوبال بترول برايسيز”.

تتمثل واقع مشكلة تهريب الوقود وبيع المحروقات في السوق الموازية في عدة نقاط رئيسية:

• شبكات منظمة تستفيد من الدعم الحكومي لتصدير المحروقات إلى الخارج بأسعار مرتفعة
• خسائر مالية ضخمة تلاحق خزينة الدولة
• تأثير سلبي مباشر على توفير الوقود للمواطنين داخل البلاد
• تزايد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية بسبب انعدام الاستقرار في الأسواق الرسمية للمحروقات

تظل مواجهة شبكات التهريب وتوطين سوق تخزين المحروقات وبيعها في السوق الموازية في ليبيا إحدى الأولويات الملحة التي تواجه السلطات القضائية والاقتصادية في البلاد، نظرًا لما تسببه هذه الظاهرة من آثار سلبية على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، مع استمرار الحاجة إلى ضبط ومتابعة الأسواق الرسمية لضمان التوزيع العادل والمحكم للمحروقات في نطاق الدولة.