مصطلح واحد.. كيف يعقّد استخدامه ملف السلام في أوكرانيا؟

الضمانات الأمنية في أوكرانيا تمثل محور الخلاف الأساسي مع روسيا، إذ لا تزال هذه المسألة تشكل عقبة رئيسة أمام تحقيق السلام، فيما تسعى الدول المعنية إلى إيجاد تعريف مشترك للضمانات الأمنية يمكن أن يفتح آفاق المفاوضات ويُحرز تقدماً ملموساً في الأزمة.

تعقيدات مفهوم الضمانات الأمنية في أوكرانيا وأبعادها الدولية

تُعد الضمانات الأمنية في أوكرانيا من القضايا الحساسة التي تحظى بتفسيرات متباينة بين الأطراف المعنية؛ إذ يرى ألكسندر تشيكوف، الخبير في العلاقات الدولية بمعهد موسكو، أن الخلاف الجوهري يكمن في اختلاف رؤية آلية هذه الضمانات. من منظور أوكرانيا والدول الأوروبية الغربية، تُفهم الضمانات على أنها التزامات أمنية غربية تشمل دعمًا عسكريًا ومبيعات أسلحة وتعزيز التعاون التقني وربما تمركز قوات أوروبية داخل الأراضي الأوكرانية، بهدف صون سيادة أوكرانيا وتعزيز دفاعها أمام العدوان الروسي. في المقابل، تنظر روسيا إلى الضمانات الأمنية كنظام متعدد الأطراف يجمع بين الغرب وروسيا وقوى كبرى غير منضوية في حلف الناتو، معتبرةً أن الضمانات لا يمكن أن تكون أحادية الجانب.

هذا التفاوت في التفسيرات يجعل من التوافق بشأن تعريف موحد للضمانات الأمنية في أوكرانيا تحدياً صعباً؛ إذ يعتبر التشابك بين المصالح المتقاطعة لأوروبا وروسيا جزءًا لا يتجزأ من سياق الأزمة، ويُعد إيجاد صيغة وسطية أمرًا حيويًا لتجاوز المأزق الراهن وتعزيز فرص الوصول إلى تسوية سلمية.

دور الضمانات الأمنية في مسار المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا

لم تتخذ مفاوضات السلام في الأزمة الأوكرانية مساراً منتظماً إلا بعد أن أعطيت الضمانات الأمنية مكاناً مركزياً ضمن القضايا المطروحة، خاصة بعد اللقاء الذي جرى في ألاسكا بين الرئيس الروسي بوتين والرئيس الأمريكي ترامب، حيث أكد الطرفان على أهمية تقديم ضمانات بشأن أوكرانيا، ما اعتبره ترامب خطوة إيجابية. وترتكز كثير من النقاشات على مبدأ أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يشمل تسوية شاملة لقضايا الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، والتدابير الاقتصادية المصاحبة، بجانب تحديد شكل الضمانات الأمنية.

كما يشير تشيكوف إلى أن العوامل الأساسية لإنجاح المفاوضات ترتبط بقدرة الأطراف على التوفيق بين المفهوم الغربي للضمانات، الذي يركز على الدعم العسكري والأمني لأوكرانيا، والمفهوم الروسي الذي يطالب بضمانات من جانب متعدد الأطراف تشمل الطرفين. ويأتي هذا في سياق جهود مكثفة لبناء إطار مؤسسي يعالج القضايا الأمنية والإقليمية وتخفيف العقوبات الغربية على روسيا بشكل مترابط ومتكامل.

التحديات الأمريكية والأوروبية في تحديد الضمانات الأمنية لأوكرانيا

تظهر التباينات واضحة في مقاربة الولايات المتحدة وأوروبا للضمانات الأمنية في أوكرانيا، حيث يطرح ترامب رؤيته الخاصة التي تختلف عن تلك التي تعبر عنها العواصم الأوروبية؛ فقد أكد ترامب على أهمية عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو واعتبر تبادل الأراضي شرطًا ضروريًا لأي اتفاق، كما رفض نشر قوات أمريكية داخل أوكرانيا، مع إمكانية دعم الحلفاء الأوروبيين عبر إرسال جنود مع دعم جوي من الولايات المتحدة. يعكس هذا التوجه اختلافاً في فهم مضمون الضمانات الأمنية بين القوى الغربية نفسها، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى موقف موحد.

وهنا تبرز تساؤلات مهمة حول مدى استعداد الدول الأوروبية لتحمّل مخاطر الأمن في أوكرانيا، خاصة مع استمرار التهديدات الروسية المتصاعدة. وطرح فرانز ستيفان غادي، الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد، السؤال المحوري حول ما تعنيه أوكرانيا فعلاً للأمن الأوروبي، ومدى استعداد أوروبا لخوض صراع محتمل ضد روسيا من أجل حمايتها؛ فغياب هذا الاستعداد قد يُضعف كثيراً من فاعلية أي ضامن أوروبي يمكن أن يدعم استقلال أوكرانيا ويُصَدّ أي عدوان مستقبلي.

• الخلاف على تعريف الضمانات الأمنية بين روسيا وأوروبا وأوكرانيا.
• ضرورة دمج قضايا الأراضي والتدابير الاقتصادية في إطار الاتفاقات الأمنية.
• تباين المواقف الأمريكية وأوروبا حول دور الناتو ودعم أوكرانيا العسكري.
• التحديات الأوروبية في تنفيذ وتعزيز الضمانات الأمنية وتقديم الدعم الفعلي.