انفجارات قاتلة.. تعرف على الظاهرة السحابية التي أودت بحياة مئات في باكستان والهند

الأمطار الغزيرة المفاجئة والانفجارات السحابية خلال موسم الرياح الموسمية في باكستان والهند أدت إلى خسائر بشرية كبيرة جراء السيول والانهيارات الأرضية الناتجة عنها، حيث تُعد هذه الظاهرة الجوية من أخطر أسباب الفيضانات المفاجئة التي تهدد حياة السكان والبنية التحتية في المناطق المتضررة.

تفسير الانفجارات السحابية وأسبابها خلال موسم الرياح الموسمية

الانفجارات السحابية هي ظاهرة جوية مميزة تسقط فيها أكثر من 100 مليمتر من الأمطار خلال ساعة واحدة فقط على مساحة جغرافية محدودة؛ مما يجعل الأرض وأنظمة الصرف غير قادرة على استيعاب هذه الكميات الكبيرة بسرعة عالية، فتتسبب بسيول جارفة وانهيارات أرضية مدمرة. تبدأ الظاهرة عندما يرتفع الهواء الساخن والرطب بسرعة إلى طبقات الجو العليا ليبرد ويتحول إلى سحب ركامية كثيفة، وعندما تمتلئ هذه السحب بالماء تتفجر فجأة مفرزة كميات ضخمة من الأمطار في فترة زمنية قصيرة.

خلال موسم الرياح الموسمية الحالي، الذي يبدأ من خليج البنغال ويتجه غرباً عبر شمال الهند إلى باكستان، حدثت انفجارات سحابية غير متوقعة مصحوبة بأمطار غزيرة أدت إلى أضرار واسعة النطاق. الدراسات المناخية تشير إلى أن هذه الانفجارات تحدث عادة في جنوب آسيا نتيجة اصطدام رياح موسمية دافئة محملة بالرطوبة مع هواء جبلي بارد في شمال الهند وباكستان، ما يؤدي إلى تكاثف المياه بشكل مكثف داخل الغيوم.

مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب التغير المناخي، تقلل الرياح الموسمية من درجات برودة الهواء المحمول، بل تزيد من حمل الرطوبة، ما يعزز احتمالات حدوث الانفجارات السحابية. تظهر البيانات الحديثة لإدارة الأرصاد الجوية الهندية أن هذه الظاهرة تتركز بشكل أكبر في مناطق الهيمالايا، خصوصًا في كشمير، ولاداخ، هيماشال براديش وأوتاراخاند.

لماذا تتأثر باكستان والهند بشكل خاص بالعواصف السحابية الشديدة؟

شهد موسم الرياح الموسمية حتى الآن ظهور ما لا يقل عن أربع عواصف رعدية مميتة اجتاحت مناطق متعددة، منها أوتاراخاند في الهند، حيث جرفت السيول مباني قرى كاملة من على قمم الجبال، وفي منطقة بوني في باكستان على حدود جبال هندوكوش، توفي أكثر من 200 شخص عقب هطول ما يزيد عن 150 مليمترًا من الأمطار في غضون ساعة واحدة فقط.

إس. دي. ساناب، عالم الأرصاد في مكتب بوني الهندي، يؤكد أن كثافة هذه العواصف السحابية وتصاعدها بشكل متكرر في جبال الهيمالايا الغربية يرجع إلى عدة عوامل معقدة، فيما يؤكد خبير الأرصاد معتصم أشفق أن الانفجارات السحابية على جانبي الحدود تتكون بنفس الآلية، وهي اندماج هواء موسمي رطب ورياح صاعدة تتوقف فوق وديان ضيقة، مما يسمح لقطرات المطر بالتجمع بسرعة وتنفيذ هطولات عنيفة.

يشرح براديب دانجول، الباحث في مركز التنمية الجبلية في نيبال، أن تأثير الانفجارات السحابية يختلف حسب التضاريس، حيث تنتشر الأمطار فوق الأراضي المستوية بزمن أطول ومساحات أوسع، مما يخفف من حدتها، على عكس الوديان الجبلية التي تشهد تجمعًا مركزًا للأمطار، فتتعرض لفيضانات مفاجئة وانهيارات أرضية خطيرة تضاعف الأضرار.

• أسباب تكرار الانفجارات السحابية في المنطقة
• تداخل الرياح الموسمية الدافئة مع التيارات الهوائية الباردة
• ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة الجوية
• تأثير التضاريس الجبلية الحادة في زيادة خطورة السيول

مدى إمكانية التنبؤ بالانفجارات السحابية وأساليب مراقبتها

التنبؤ الدقيق بالانفجارات السحابية قبل أيام من حدوثها يُعد تحديًا كبيرًا؛ فحسب إس. دي. ساناب، يمكن للرادارات الحديثة تتبع تراكم السحب الركامية وإصدار تحذيرات قصيرة الأجل بالأمطار الغزيرة، لكنها تعجز عن التنبؤ الدقيق بموقع الانفجار السحابي أو زمنه بعيدًا بسبب سرعة تطور الظاهرة.

عززت هيئة الأرصاد الجوية الهندية من قدرات المراقبة بتركيب رادارات متقدمة حول جبال الهيمالايا، وأطلقت عدة مراصد متخصصة لتحسين مخرجات التحذير المبكر، ما يساعد على تقليل الأضرار والضحايا قدر الإمكان. من جهته، أوضح سيد محمد طيب شاه، المسؤول عن تقييم المخاطر في الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث باكستان، أنه من الممكن إصدار تحذيرات عامة تغطي مناطق واسعة لكنها لا تحدد مواقع الانفجارات السحابية بدقة.

تُظهر الأرقام الأخيرة أن باكستان سجلت مقتل 393 شخصًا على الأقل نتيجة الأمطار الغزيرة المصاحبة للرياح الموسمية، في حين لقي أكثر من 60 شخصًا مصرعهم في فيضانات الهند، وتستمر فرق الإنقاذ في البحث عن المفقودين تحت الأنقاض.