قرار صادر.. الإمارات تتجه بقوة نحو مستقبل أخضر ومستدام مع د. عبدالله بلحيف النعيمي

المدن المستدامة في الإمارات: نهج رائد في التنمية الحضرية المتطورة

تُعتبر المدن المستدامة في الإمارات نموذجاً متميزاً يعكس قيادة الدولة في التنمية الحضرية المستدامة، حيث سعت الإمارات إلى تصميم بيئات متوازنة تلبي احتياجات الحاضر وتحفظ حقوق الأجيال القادمة بالحياة الكريمة، من خلال تبني استراتيجيات متقدمة تشمل الاستخدام الفعّال للأراضي والدمج الذكي للمساحات الخضراء وتعزيز أنظمة النقل العام، بالإضافة إلى بناء عمارة موفّرة للطاقة والحفاظ على التنوع البيولوجي. ولا يقتصر الأمر على التخطيط الهندسي فقط، بل تتجلى أهمية إشراك المجتمع في صنع القرار كركيزة أساسية لتحقيق الأهداف المستدامة.

التخطيط الحضري المستدام وأثر المدن المستدامة في الإمارات على جودة الحياة

تُبرز خطة دبي الحضرية 2040 أهمية المشاركة المجتمعية في صناعة القرار الحضري، باعتبارها وسيلة لكشف الاحتياجات المحلية التي قد يغفل عنها المخططون، مما يعزز تبني المواطنين لنمط حياة متوازن ومستدام. وتُعتبر «المدينة المستدامة» في دبي نموذجاً فريداً يُحاكي هذا النهج، حيث يشترك السكان في مراحل التخطيط والتنفيذ، مما يربطهم بمسؤولية جماعية تجاه الحفاظ على بيئتهم. وقد سبقت دولة الإمارات العديد من الدول في تبني مفهوم التنمية متعددة الاستخدامات التي تجمع بين المناطق السكنية والتجارية والترفيهية ضمن بيئة واحدة متكاملة تُحفّز المشي واستخدام الدراجات بدلاً من الاعتماد المكثف على السيارات. تدعم هذه الاستراتيجية خلق مجتمعات ذات نشاط اقتصادي وحركي مستدام، مع تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء.

دور التكنولوجيا والابتكار في تعزيز المدن المستدامة في الإمارات

ساهمت التقنيات الذكية بمنظورها الحديث مثل إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI) في تحويل طريقة تصميم وإدارة المدن المستدامة في الإمارات. وقد أسهمت مبادرة «دبي الذكية» في إعادة تشكيل المشهد الحضري عبر تقليل استهلاك الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى اعتماد تصاميم معمارية تهدف إلى الاستفادة القصوى من الإضاءة الطبيعية والتهوية، واستخدام الموارد المتجددة والمواد المستدامة مثل الخشب المعاد تدويره والأسطح الخضراء. كما باتت مدينة «مصدر» في أبوظبي معياراً عالمياً للحياد الكربوني، بتشجيع الحركة سيراً على الأقدام واعتماد أنظمة مبتكرة لإعادة تدوير المياه والنفايات، فضلاً عن الاعتماد على الطاقة المتجددة لتقليل البصمة البيئية.

المشاريع والطموحات المستقبلية في مجال الطاقة والمواصلات ضمن المدن المستدامة في الإمارات

تتقدم الإمارات بخطوات جادة في تبني الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث تشمل مشاريع الرياح الاستراتيجية مواقع رئيسية مثل جزيرة صير بني ياس، جزيرة دلما، ومنطقة السلع في أبوظبي، بالإضافة إلى الفجيرة. ويُعد مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية من أكبر مشاريع الطاقة النظيفة العالمية، مستهدفاً توليد 5000 ميغاواط بحلول عام 2030. هذا التوجه المبتكر يرفع من مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني، مع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. كما عززت الإمارات استخدامها للمركبات الكهربائية عبر مبادرة «الشاحن الأخضر» التي توفر شبكة متكاملة لمحطات الشحن، وقد استثمرت بشدة في تطوير شبكات المترو والترام، مما ساهم في تخفيف الازدحام المروري وتلوث الهواء. وفي مجال إدارة النفايات، تشمل الجهود برامج إعادة التدوير والتسميد مثل حملة «مدينتي، بيئتي» في دبي وبرنامج «تدوير» في أبوظبي، بالإضافة إلى محطة تحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة التي تستخدم تقنيات حديثة لتحويل النفايات إلى كهرباء.

  • تقنيات التحلية الحديثة لتوفير المياه النقية واستهلاك طاقة منخفض
  • استخدام نظام الري بالتنقيط لتقليل الفاقد من المياه ودعم الزراعة المستدامة
  • تركيز على ممارسات البناء الأخضر والحصول على شهادات ريادة في الطاقة والتصميم البيئي (LEED)
  • دمج النباتات المحلية والتنوع البيولوجي في المشروعات الحضرية لتحقيق التوازن بين الطبيعة والتنمية
المشروع الهدف
مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية توليد 5000 ميغاواط من الطاقة النظيفة بحلول 2030
مزارع الرياح في أبوظبي خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز الطاقة المتجددة
محطة جبل علي لتحلية المياه تقليل استهلاك الطاقة وتحسين إنتاج المياه باستخدام تقنية التناضح العكسي

تتجلى رؤية الإمارات المستقبلية في التوازن المتناغم بين التقدم الحضري وحماية البيئة، حيث تُعد محمية الأراضي الرطبة في الوثبة ومشروع البراري في دبي من أبرز الأمثلة على الالتزام بحفظ المواطن الطبيعية والتنوع الأحيائي، مع دعم السياحة البيئية وتوفير مساحات معيشية هادئة. كما يعزز مركز دبي للكربون الدور الدولي لدولة الإمارات بتعاوناته مع جهات عالمية وبحثية، مما يعكس مستوى الوعي البيئي والمسؤولية الجماعية تجاه التحديات العالمية. هذا المنهج الشامل يجعل من المدن المستدامة في الإمارات نموذجاً ملهمًا ليس فقط على الصعيد الإقليمي، بل العالمي في بناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.