تدهور كارثي.. الجفاف يهجر المزارعين والقرى تتحول إلى أرض قاحلة في شمال أفغانستان

الجفاف يُجبر المزارعين في شمال أفغانستان على الهجرة وتحول القرى إلى أراضٍ قاحلة

أزمة المياه في شمال أفغانستان أدت إلى نزوح واسع للمزارعين من أراضيهم، بعدما تحولت مناطقهم إلى أراضٍ جافة قاحلة بفعل الجفاف الشديد المستمر، وسط معاناة كبيرة تفاقمت مع تدهور الوضع البيئي والاقتصادي في البلاد

تأثير الجفاف على المزارعين والمجتمعات الريفية في شمال أفغانستان

يُعد الجفاف في شمال أفغانستان السبب الأساسي في هجرة المزارعين عن حقولهم، حيث أفقدت ندرة المياه الأراضي زراعتها وأدت إلى تدهور المراعي، ما دفع الكثيرين للتخلي عن منازلهم بحثًا عن ظروف معيشية أفضل، ويقول “معروف” رب أسرة لـ”فرانس برس” إن مسؤولية إعالة الأطفال تحتّم الرحيل، لأن البقاء وسط الخراب لا خيار له. وأشار إلى أن معظم بيوت الطين المحيطة به أصبحت مهجورة، حيث هجر القرويون مناطقهم هربًا من العطش والجوع وحياة بلا أمل ولا مستقبل.

تُعاني أفغانستان منذ عقود من نزوح سكانها بسبب الحروب المتكررة، إلا أن السلام لم يوفر لهم الأمن والاستقرار، بل إن الصدمات المناخية المتداخلة أدت إلى تآكل إمكانات الحياة وتدهورت سبل العيش، مما جعَل السكان يواجهون مخاطر الجفاف والفيضانات المتكررة. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فإن الكوارث البيئية الناتجة عن تغير المناخ أصبحت السبب الأول للنزوح في أفغانستان عقب انتهاء الحرب بين طالبان والقوات الدولية عام 2021.

تداعيات الجفاف والتغير المناخي على الزراعة والمياه في شمال أفغانستان

تعتمد غالبية الأفغان على الزراعة وتربية المواشي، ويعيشون في بيوت طينية، مما يجعلهم عرضة بشكل كبير للتقلبات البيئية. وقد تسبب التغير المناخي في اختلال دورة المياه، ما أدى لأفغانستان إلى معاناة متكررة من الجفاف الشديد والفيضانات المفاجئة خلال الأربع سنوات الماضية، حيث غرقت الأراضي وجرفت المنازل، مما أفقد السكان مواردهم الحيوية. وأكدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن تراجع المحاصيل وجفاف المراعي واندثار مصادر المياه تجبر القرى على الاقتراب من حافة الانهيار.

في ظل هذه الظروف، أصبح من الصعب على الأسر زراعة محاصيل غذائية كافية أو تحقيق دخل مستدام، ما يجعل البقاء في المناطق الريفية تحدياً يوميّاً، خاصة مع ارتفاع حرارة الأرض وتصاعد الظواهر الجوية الحادة وتغير نمط هطول الأمطار، التي تؤدي إلى فصول شتاء غير مستقرة وأمطار غزيرة تؤدي إلى فيضانات مدمرة بدلاً من أن تكون منافع للزراعة.

مشاريع البنى التحتية المياهية والتحديات الاقتصادية في مواجهة الجفاف في أفغانستان

يسعى النظام الحاكم في أفغانستان إلى تطوير مشاريع بنية تحتية مائية تشمل حفر قنوات وسدود لتوفير مياه الري، مثل قناة “قوش تبه” التي يُجري فيها حاليًا العمل على حفر الجزء الأخير من ممرها المائي، على أمل استخدام مياه نهر “آمو دريا” لتخفيف أزمة ندرة المياه. إلا أن المسؤولين يقرون بأن هذا المشروع قد يستغرق أكثر من عام لإتمامه، وسط محدودية الموارد والتمويل، بسبب العزلة الدولية والفقر المتفشي.

تتسم التحديات التي تواجه أفغانستان في مجال المياه والزراعة بكونها مركبة وتحتاج إلى:

  • تعزيز البنية التحتية للمياه بشكل مستدام
  • إدارة ذكية للموارد الطبيعية المتاحة
  • تقديم الدعم للأسر الريفية لتحسين قدرتها على التكيف

ولم تخفِ حكومة البلاد أن الإجراءات القائمة لم تكن كافية لمواجهة موجات الجفاف المتكررة، حسب تصريحات وزير الطاقة والمياه عبد اللطيف منصور، الذي أكد وجود حالات جفاف متزايدة وأزمة بيئية عميقة تفاقمت بعد عقود من النزاعات وسوء التخطيط. كثير من العائدين من عمليات الترحيل يجدون أنفسهم على أرض لا تتوفر فيها مياه كافية للزراعة، ومياه الآبار التي تنخفض يومًا بعد يوم، كما يعاني السكان من الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة الذي يزيد من تبخر المياه ويعقد الظروف الزراعية.

وما يزيد الأزمة تعقيدًا هو التحولات التي طال نمط سقوط الأمطار، حيث أصبحت الأمطار تأتي مبكرة وغزيرة على غير الاعتياد، مما يؤدي إلى فيضانات كارثية تجرف الأراضي وتشرد السكان، وهو ما أكده محمد قاسم، قائد مجتمعي في قرى ولاية ميدان وردك، بأن حالة الطقس تغيرت بشكل كبير وغير مسبوق في الذاكرة الحديثة.

ومع تزايد حرارة الغلاف الجوي واحتفاظه بمزيد من بخار المياه، تتعرض المناطق الساحلية والجبلية على حد سواء لأمطار متكررة وغزيرة يمكن أن تسبب فيضانات مدمرة، تعمق من معاناة المجتمعات الزراعية، التي لا تزال تحاول استعادة بيوتها ومواشيها الضائعة. كمثل عائلة وحيد الله التي اضطرت للعيش في خيمة مؤقتة بعدما فقدت منزلها ومواشيها فيضان سنة 2023، حيث توشك مواردها على النفاد مع غياب قدرة حقيقية على إعادة البناء أو الاستقرار.

العامل التأثير
الجفاف الشديد نزوح واسع للمزارعين وتحول الأراضي إلى صحراء قاحلة
تغير نمط الأمطار فيضانات مفاجئة تجرف المنازل وتعمق الأزمات
ندرة الموارد ضعف قدرة السكان على التكيف والعيش بكرامة