لماذا يعاني البعض من فوبيا المكالمات وكيف تتخلص منها بفعالية؟

المكالمات الهاتفية وتأثيرها النفسي: لماذا نخشى صوت الهاتف رغم قربه من حياتنا اليومية؟

لماذا يمثل الخوف من المكالمات الهاتفية عبئاً نفسياً؟

المكالمات الهاتفية على الرغم من كونها وسيلة تواصل أساسية في حياتنا المعاصرة، إلا أن الخوف من المكالمات الهاتفية يتسلل إلى نفوس كثيرين بشكل غير متوقع؛ إذ يصبح رنين الهاتف محفزاً للتوتر والقلق، حتى ولو كان المتصل شخصاً مألوفاً ومحبوباً. فبعض الناس يفضلون ترك الهاتف يرن دون رد، متجنبين المواجهة المباشرة، كأنهم يحاولون تقسيم ثقل التواصل بنوع من التأجيل وتأخير المواجهة، لكن ما الذي يجعل المكالمة الهاتفية ثقيلة ومثقلة بهذا القدر من القدر النفسي؟

الخوف من المكالمات الهاتفية: أسباب نفسية واجتماعية عميقة

يرى الخبراء، ومن بينهم راوية عيتاني المتخصصة في العلاقات مع الذات، أن السبب الحقيقي للخوف من المكالمات الهاتفية ليس الجهاز نفسه، بل العاطفة التي يكشفها بداخلنا؛ إذ أن هذا الخوف ينبع من التوتر الناتج عن مواجهة الصوت المباشر للآخرين بدون وساطة أو تحضير مسبق. وتوضح عيتاني من خلال تجربتها في مجال البرمجة اللغوية العصبية (NLP) أن الخوف يكمن في العوامل التي تأتي بعد رنين الهاتف، مثل سؤال محرج، ارتباك غير متوقع، أو نبرة صوت يصعب التعامل معها. أحياناً يكون السبب أكثر تعقيداً، كالذكريات السلبية أو المواقف المزعجة التي لم نستطع رفضها في السابق.
ينضاف إلى ذلك أن المكالمات الهاتفية تمثل نوعاً من الضغط الاجتماعي، حيث يفرض الاتصال على الشخص تفاعلًا غير مرغوب فيه، سواء من حيث التوقيت أو الشكل، مما يثير مقاومة نفسية لمشاركة التواصل إذا لم يكن من الممكن التحكم بالسياق. كثيراً ما يتحول الهاتف إلى وسيلة ضغط أخيرة من المحيطين، خاصة عندما تكون هناك طلبات أو واجبات سبق رفضها وجهًا لوجه.

التعامل مع الخوف من المكالمات الهاتفية كرسالة داخلية لا كفوبيا

قد يختبئ في خلفية رفض المكالمات خوف أعمق يرتبط بالتعبير المباشر عن المشاعر أو الكلمات، وربما هو نوع من التمرّد الصامت على أسلوب تواصل لا يوفر الوقت الكافي للتفكير والاختيار، عكس التواصل النصي الذي يسمح بإخفاء الهشاشة خلف كلمات مكتوبة أو رموز تعبيرية.
المكالمة الهاتفية تكشف أحياناً ما نخفيه من قلق داخلي، من ارتباك، أو شعور بعدم الجدارة، وغالباً ما تكون الحاجة الأساسية هي شعور بالأمان قبل البدء بالكلام. لذا، يجب النظر إلى الخوف من المكالمات الهاتفية ليس كفوبيا تستدعي معالجة طبية، بل كمؤشر داخلي ينبهنا أننا في حالة عدم راحة، ويتوجب فهم السبب والعمل على تجاوزه.

  • الخوف من المكالمات ليس ضعفاً بل رغبة في التحكم والوضوح
  • الخوف يعكس رغبة في اختيار توقيت وكيفية التعبير
  • الرد على المكالمة بشجاعة يمثل خطوة نحو فهم الذات ورعايتها

الخوف من المكالمات الهاتفية قد يكون مرآة صادقة تظهرنا بلا أقنعة، كما قال كارل يونغ: “من ينظر إلى الخارج يحلم، ومن ينظر إلى الداخل يستيقظ”؛ كما أن مواجهة هذا الخوف ليست مجرد تجاوب مع رنة هاتف، بل بداية رحلة نحو يقظة داخلية تسمح بالاستماع لما خلف الصوت، بعيداً عن الخوف والقلق.