استمرار حرائق هور الحويزة لليوم الثالث.. ماذا تعرف عن الوضع الحالي؟

حرائق هور الحويزة مستمرة لليوم الثالث على التوالي في محافظة ميسان، مع استمرار تصاعد النيران التي تهدد البيئة والتوازن البيئي للمنطقة. مرصد العراق الأخضر البيئي كشف أن أسباب استمرار هذه الحرائق تعود إلى عدة عوامل طبيعية وبشرية، مما يزيد من حدة الأزمة البيئية في هذا الموقع الحيوي.

العوامل البيئية والدور الهندسي في استمرار حرائق هور الحويزة

أكد الخبير البيئي في ميسان، أحمد صالح نعمة، أن حرائق هور الحويزة مستمرة لليوم الثالث على التوالي بسبب عوائق طبيعية تحول دون إتمام أعمال إنشاء السدة الترابية في منطقة “ذيل الفحل” بمحافظة ميسان، والتي يتولاها الجهد الهندسي للواء العاشر المكلف. وأضاف نعمة أن الكثافة الكبيرة لقصب الأهوار تشكل عائقاً كبيراً أمام التنفيذ، بالإضافة إلى أن الدخول إلى هذه المنطقة مقصور على المنشآت النفطية وقيادة قوات الحدود فقط. وأبرز أن هناك عوامل طبيعية مشجعة على استمرار اشتعال النيران ومنها هبوب الرياح بقوة، الجفاف التام للقصب، وارتفاع درجة الحرارة، وهو ما يعقد جهود إخماد الحرائق ويطيل أمدها.

حرائق هور الحويزة المستمرة وعلاقتها بالاستثمار النفطي في المنطقة

الناشط البيئي في ميسان، مرتضى الجنوبي، كشف أن الحرائق التي تستعر في هور الحويزة بالقرب من منطقة العظيم، ناجمة عن عمليات حرق مبرمجة من قبل إحدى الشركات العراقية المتعاقدة مع الجانب الصيني، وهي تقوم بتهيئة الأرض لمساحات ترابية تصل إلى ارتفاع 7 أمتار تمهيداً للطرق التي تعبر داخل الهور. وأوضح الجنوبي أن هور الحويزة يتكون من غابات كثيفة من القصب، لا يمكن إزالتها إلا بالحرق، وهذه الممارسة تأتي في إطار تجهيز الأرض لإعلان حقل الحويزة النفطي الجديد. هذا التطور يثير مخاوف كبيرة بشأن المخاطر التي قد تتهدد التنوع البيولوجي والتراث الثقافي للمنطقة.

الأهوار وتحديات الحفاظ عليها في ظل حرائق هور الحويزة المستمرة

سبق أن كشفت مصادر بيئية في نيسان/أبريل الماضي عن تجفيف متعمد لهور الحويزة في محافظة ميسان منذ نهاية عام 2021، وسط مخاوف متزايدة من آثار مشاريع النفط على هذه المسطحات الهامة بيئياً. وفي فبراير 2023، أعلنت الحكومة العراقية إطلاق الجولة الخامسة من تراخيص التنقيب وتطوير ستة حقول منها حقل الحويزة الذي يمتد على مساحة 17 كيلومتراً طولاً و8 كيلومترات عرضاً، والذي أُسند إلى شركة “جيو جيد” الصينية. هذه الخطوة أثارت قلقل المجتمع المحلي ومنظمات حماية البيئة نتيجة احتمال إلحاق ضرر كبير بالنظام البيئي للمنطقة، وهو ما يعد انتهاكاً لشروط اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة، حيث أن المنطقة مسجلة على لائحة التراث العالمي لليونسكو منذ 2016.

• هبوب الرياح والجفاف والتغيرات المناخية تسهم في زيادة خطر الحرائق
• القصب الكثيف يعرقل جهود إنشاء السدود الترابية لمكافحة الحريق
• العمليات الصناعية والنفطية تزيد الضغط البيئي وتؤجج النار في الأهوار

هور الحويزة هو جزء من شبكة الأهوار التي تقع في جنوب العراق بين نهري دجلة والفرات، وهي من أكبر المسطحات المائية الداخلية في الشرق الأوسط. على مر القرون، كانت هذه الأهوار ملاذاً للسكان المحليين الذين اعتمدوا على الصيد، وتربية الجواميس، وصناعة القصب والبردي، ما خلق معهم تراثًا ثقافيًا واجتماعيًا غنياً. إدراج الأهوار العراقية على قائمة التراث العالمي يعكس أهمية هذه المنطقة البيئية والعمرانية، ويبرز الحاجة الملحة لحماية هور الحويزة من الحرائق المستمرة التي تهدد هذا الإرث الحيوي.

حرائق هور الحويزة المستمرة تكشف تضارب المصالح بين التنمية النفطية والحفاظ على البيئة، وتضع المجتمع أمام تحديات جمة تتطلب استجابة سريعة ومنسقة لضمان حماية الموارد الطبيعية والتراث الثقافي لسكان المنطقة، الذين لطالما ارتبطت حياتهم بهذه البيئات الفريدة المهددة الآن بتحولات دراماتيكية.