تغييرات مرتقبة في السياسة النقدية بمصر بعد خفض الفائدة في تركيا.. ما هي التوقعات؟

بعد خفض الفائدة في تركيا.. هل تتغير حسابات السياسة النقدية بمصر؟

خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس ليصل إلى 43%، ما أثار تساؤلات واسعة حول انعكاسات هذا القرار على السياسة النقدية في مصر، خاصة مع اقتراب اجتماع البنك المركزي المصري في أغسطس المقبل؛ حيث يترقب المستثمرون والاقتصاديون إمكانية تعديل أسعار الفائدة في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية.

تداعيات خفض الفائدة في تركيا على حسابات السياسة النقدية بمصر

يشير خفض البنك المركزي التركي لسعر الفائدة الرئيسي من 46% إلى 43%، رغم وصول التضخم السنوي إلى 35.1% في يونيو، إلى تحوّل واضح في السياسة التيسيرية التركية، وهو ما يعزز توقعات بتحرك مشابه من البنك المركزي المصري خلال اجتماعه المقرر في 28 أغسطس 2025. قال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في “كايرو كابيتال سيكيورتيز”، إن فرص خفض الفائدة في مصر تتعزز بفضل عوامل إيجابية متعددة، منها احتمال خفض البنك الفيدرالي الأمريكي للفائدة في سبتمبر، وتراجع قيمة الدولار مقابل الجنيه المصري، واستقرار أسعار السلع الأساسية، بالإضافة إلى التهدئة في الحرب التجارية العالمية عبر اتفاقيات جديدة.

هذا وتبرز أهمية متابعة تحولات السياسة النقدية في تركيا باعتبارها مؤثرة بشكل مباشر على حسابات السياسة النقدية بمصر، لا سيما مع العلاقة القوية بين الأسواق الناشئة والتدفقات المالية العابرة للحدود.

تذبذب الليرة التركية وتأثيره على حسابات السياسة النقدية بمصر

أدت التقلبات الحادة في سعر صرف الليرة التركية إلى تراجع جاذبية السوق التركي للاستثمارات قصيرة الأجل، مما يجعل السوق المصري خيارًا أكثر أمانًا وجاذبية للمستثمرين العالميين الباحثين عن عوائد مستقرة نسبياً. وأكد هاني جنينة أن هذا يدعم قدرة البنك المركزي المصري على تخفيف أسعار الفائدة دون المساس باستقرار السوق أو بالأدوات المالية الحكومية.

في اجتماع البنك المركزي التركي الأخير، تم خفض سعر الإقراض لليلة واحدة من 49% إلى 46%، وسعر الاقتراض من 44.5% إلى 41.5%، في إطار مواصلة السياسة النقدية التيسيرية. وأشارت بيانات هيئة الإحصاء التركية إلى استمرار تراجع معدل التضخم السنوي للشهر الثالث عشر على التوالي ليصل إلى 35.05% في يونيو، مع تضخم شهري نسبته 1.37%، ما يعكس تحسنًا نسبيًا في المؤشرات التضخمية، رغم الزيادة الشهرية المؤقتة في يوليو التي ارتبطت بعوامل موسمية. هذه المعطيات تعزز فرضية أن تغييرات السياسة النقدية في تركيا قد تؤثر بشكل غير مباشر على قرارات البنك المركزي المصري، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة المناخ الاقتصادي العالمي وتأثيره على استراتيجيات الفائدة.

استهداف الأموال الساخنة وعلاقته بحسابات السياسة النقدية بمصر

يرى المختص المصرفي محمد بدرة أن خفض البنك المركزي التركي للفائدة لا يمكن تفسيره بمعزل عن السياسات النقدية في مصر، خاصة فيما يتعلق بتحركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل أو ما يعرف بالأموال الساخنة. ففي ظل استمرار تقلبات الليرة التركية، يقل جاذبية السوق التركي للمستثمرين الأجانب، خصوصًا في أدوات الدين قصيرة الأجل، مما يحول التدفقات المالية نحو مصر التي تتمتع باستقرار نسبي أفضل بين العائد والمخاطرة.

وأضاف بدرة أن البنك المركزي المصري قد يجد فرصة مناسبة لخفض الفائدة تدريجيًا، إذ أن التراجع الأخير في سعر الدولار أمام الجنيه واستقرار معدلات التضخم يوفران مساحة كافية للتحرك النقدي دون التأثير على تدفقات الاستثمار أو استقرار السوق. تجدر الإشارة إلى أن لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري ستجتمع يوم 28 أغسطس الجاري، وهو الاجتماع الخامس هذا العام بعد خفض الفائدة في أبريل ومايو.

يتوقع بنك الكويت الوطني استئناف دورة التيسير النقدي في مصر، مع خفض محتمل للفائدة يصل إلى 300 نقطة أساس إضافية قبل نهاية 2025، اعتمادًا على استقرار سعر الصرف وتراجع التضخم، فيما جددت وحدة بحوث الأهلي فاروس توقعها بخفض تراكمى يتراوح بين 4 إلى 5% خلال النصف الثاني من 2025، مستندة إلى عوامل مثل:

  • هدوء نسبي في أسعار السلع الأساسية عالميًا
  • تحسن مؤشرات الاستثمار المحلي
  • توفر مساحة أكبر للبنك المركزي لتحفيز النمو دون التأثير سلبًا على جاذبية أدوات الدين المحلية
التاريخ نسبة الفائدة بعد الخفض
تركيا – يونيو 2025 43%
مصر – متوقع أغسطس 2025 خفض تدريجي محتمل حتى 300 نقطة أساس

يُظهر مسار خفض الفائدة في تركيا تأثيرًا ملموسًا على توجهات السياسة النقدية في مصر، حيث تتشابك العوامل الاقتصادية الإقليمية والدولية مع تحركات رؤوس الأموال الدولية لتحدد اتجاهات البنك المركزي المصري، ما يفتح الباب أمام تغييرات محتملة في أسعار الفائدة مستقبلاً تعكس واقعية الأسواق والتحديات الراهنة.