أسعار الدينار العراقي تسجل تحسناً ملحوظاً أمام الدولار اليوم مع تأثيرات اقتصادية واضحة

الدينار العراقي يشهد ارتفاعًا قياسيًا مقابل الدولار وسط إجراءات البنك المركزي وتعاون دولي متزايد يصب في استقرار سوق العملة، حيث وصل سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى 1380 دينارًا للدولار، وهو أقل مستوى منذ عامين، ما يعكس تحولات اقتصادية عميقة وتشابك عوامل داخلية وخارجية أثرت في هذا المشهد المالي المعقد.

العوامل المؤثرة على ارتفاع الدينار العراقي مقابل الدولار

شهد الدينار العراقي ارتفاعًا ملحوظًا مقابل الدولار خلال الأيام القليلة الماضية، حيث سجلت بورصة العملات الأجنبية في بغداد سعر صرف 1380 دينارًا لكل دولار مقارنة مع 1420 دينارًا سابقًا، وهو مستوى غير مسبوق منذ عامين؛ ويُفسر هذا الانخفاض بتداخل عدة عوامل داخلية وخارجية أبرزها الإجراءات الحكومية المشددة التي اتخذها البنك المركزي العراقي للحد من المضاربات في سوق العملة. يأتي هذا إلى جانب تزايد احتياطي العراق من العملة الصعبة، والذي نشأ بفعل ارتفاع أسعار النفط العالمية وتحسن إيرادات النفط، ما عزز القدرة على التدخل الإيجابي في السوق. وبالإضافة لذلك، تعزز التعاون بين البنك المركزي والمؤسسات المالية الدولية لضبط حركة الدولار في السوق المحلية، وبالتالي تقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي.

دور السياسات الحكومية في تعزيز استقرار سعر الدولار والدينار العراقي

يُعد انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي نتاجًا مباشرًا لحزمة السياسات والإجراءات التي نفذها البنك المركزي بالتعاون مع جهات حكومية أخرى، ومن أهم هذه الإجراءات تقييد التحويلات النقدية الخارجية غير الشرعية، واعتماد منصة التحويل الرسمية التي تساعد في توحيد وتسهيل عمليات تداول العملات الأجنبية. كذلك، ضخ البنك المركزي لكميات منتظمة من العملة الأجنبية عبر نافذته ساهم في تلبية الطلب الحقيقي على الدولار وتقليل هوة الفرق بين السعر الرسمي والسوق الموازية. أوضح الخبراء أن رفع مستوى الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة بفضل تحسن أسعار النفط العالمية، إضافة إلى التنسيق المستمر مع وزارة الخزانة الأميركية لمراقبة حركة الدولار، زاد من ثقة الأسواق وقلل من المضاربات التي كانت السبب الرئيس لتقلبات الأسعار السابقة.

تأثير ارتفاع الدينار العراقي مقابل الدولار على السوق المحلية والإصلاحات المستقبلية

يرى الخبراء أن انخفاض سعر الدولار أمام الدينار العراقي له تأثيرات مزدوجة على الأسواق المحلية، حيث يؤدي إلى انخفاض أسعار بعض السلع المستوردة مما يعزز القوة الشرائية للمواطنين، مع الإشارة إلى أن هذا الانخفاض قد يؤثر سلبًا على بعض القطاعات التجارية التي كانت تحقق أرباحًا من فرق سعر الصرف في السوق الموازي. كما يؤكد المختصون على أهمية استمرار الشفافية في آلية بيع العملة وتوسيع الرقابة على المصارف وشركات الصرافة، إلى جانب تنشيط القطاع الإنتاجي المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد، ما يخفف من الضغط على الدولار. يأتي ذلك ضمن إطار إصلاحات اقتصادية مستدامة تهدف إلى خلق استقرار طويل الأمد في سوق العملة، ليس فقط تحسّنًا ظرفيًا في سعر الصرف.

وفي سياق متصل، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن القرارات والسياسات التي اتخذها البنك المركزي والحكومة العراقية تعمل على تضييق الفجوة بين السعر الرسمي للدولار والسعر في السوق الموازي، مشيرًا إلى إمكانية تحقيق تطابق بين السعرين قريبًا؛ إذ يمكن وصف الفارق الحالي بأقل من 4% كمجرد كلفة معاملات بسيطة. ويُعد هذا مؤشرًا إيجابيًا على بروز سوق نقدية منظمة ومتزنة.

السعر القيمة بالدينار العراقي
السعر الموازي للدولار 1380 دينار
السعر الرسمي للبنك المركزي 1310 دينار
أعلى سعر سابق (تقلبات) 1700 دينار
الاستقرار السابق 1450 دينار
  • تقييد التحويلات الخارجية غير الشرعية
  • اعتماد منصة التحويل الرسمية لمراقبة حركة الدولار
  • تعزيز ضخ العملة الصعبة من خلال نافذة البنك المركزي
  • توسيع الرقابة على المصارف وشركات الصرافة
  • تنشيط القطاع الإنتاجي المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد

بالإضافة إلى ذلك، تم اعتماد منصة إلكترونية مطلع عام 2023 لمراقبة حركة بيع الدولار وعمليات غسل الأموال، ردًا على تحذيرات البنك المركزي الأميركي وفرض عقوبات على عدة مصارف محلية بتهمة التعاملات المشبوهة. وعزّز القرار توسيع قنوات التحويل الخارجي للمصارف المحلية، ومنها السماح بعمليات تمويل التجارة بالعملات الأجنبية المتنوعة مثل الدينار الأردني، الريال السعودي، اليورو، الدرهم الإماراتي، اليوان الصيني، والروبية الهندية، مما يزيد من مرونة السوق ويخفف من الاعتماد المستمر على الدولار فقط.

في المقابل، واجه العراق تحديات بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على 18 مصرفًا محليًا لعلاقات مالية مع إيران وعمليات غسل أموال، ما أدى إلى تراجع قيمة الدينار العراقي واندفاع المودعين لسحب أموالهم بالدولار من البنوك المتضررة. وعلى الرغم من وجود احتياطيات نقدية تبلغ أكثر من 113 مليار دولار في الولايات المتحدة، يعتمد العراق بدرجة كبيرة على حسن نية السلطات الأميركية لضمان عدم تعرض عائدات النفط وأمواله لعقوبات إضافية.

وفي تطورات أخرى، رفضت الحكومة الأميركية طلبًا عراقيًا للحصول على مليار دولار نقدًا من البنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو أمر يعكس التعقيدات التي تحيط بجهود العراق في السيطرة على السوق النقدي وضبط التدفقات غير المشروعة، خاصة في ظل قيود الخزانة الأميركية على الدول المحظورة.

تظل جهود الحكومة العراقية والبنك المركزي مركزة على تعميق الإصلاحات المالية وتنفيذ معالجات هيكلية في سوق العملة لتعزيز ثقة السوق وتحقيق استقرار دائم في سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي بما يعود بالنفع على الاقتصاد والمواطنين على حد سواء.