لماذا يعاني البعض من “اكتئاب الأعياد” خلال الإجازات؟ شرح من مستشارة نفسية

اكتئاب الأعياد ظاهرة نفسية يعاني منها بعض الأفراد خلال الإجازات، حيث يشعرون بعدم الارتياح والتوتر بسبب توقف النشاط المهني. يرتبط هذا الاكتئاب بطريقة إدارة الشخص لأدواره الحياتية، خاصة عندما يكون العمل هو المحور الأساسي لحياته، مما يجعل الإجازات فترة صعبة نفسياً بسبب الفراغ المفاجئ في نشاطه اليومي.

كيف يؤدي اعتماد الحياة على العمل إلى ظهور اكتئاب الأعياد؟

تشير مستشارة علم نفس العمل هاجر القايدي إلى أن الأشخاص الذين يعتبرون العمل محور حياتهم الأساسي يعانون من مشاعر ضياع وفراغ عندما يتوقف نشاطهم المهني خلال الإجازات؛ فالعمل بالنسبة لهم هو مصدر رئيس للإنجاز والهوية الشخصية، وبغيابه يشعرون بفراغ نفسي عميق يصاحبه تساؤلات وجودية مثل “من أنا إذا لم أكن عاملاً؟” و”ما معنى الحياة بدون هدف مهني؟”؛ هذه التساؤلات تخلف وراءها حالات من القلق والاكتئاب، خصوصًا إذا لم يجد الشخص بدائل تملأ فراغ وقت الإجازة، مما يجعل اكتئاب الأعياد أكثر شيوعًا بين هذه الفئة.

أهمية تعزيز تعدد الأدوار للوقاية من اكتئاب الأعياد

تسلط القايدي الضوء على ضرورة تنويع أدوار الفرد في الحياة بعيدًا عن العمل فقط، موضحة أن العلاقات الأسرية، والصداقات، والهوايات، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية تشكل درعًا نفسيًا يحمي من الشعور بالفراغ والانعزال الذي يفاقم اكتئاب الأعياد؛ فتوفر هذه الأدوار المتعددة مرونة أكبر في مواجهة التقلبات، حيث يمكن اعتماد جانب أو أكثر من جوانب الحياة المختلفة لتعويض غياب النجاح المهني مؤقتًا، مما يعزز الاستقرار النفسي ويقلل من توتر الإجازات.

نصائح فعالة لتجاوز اكتئاب الأعياد والاستمتاع بالإجازات

بينت القايدي أن هناك خطوات عملية تساعد على التخفيف من اكتئاب الأعياد، ومنها:

• تنويع الأنشطة اليومية من خلال تعلم هوايات جديدة أو ممارسة نشاطات ترفيهية تملأ وقت الفراغ وتحسس بالمتعة.
• تعزيز العلاقات الاجتماعية بإقامة تواصل منتظم مع الأصدقاء والأسرة، ما يوفر دعمًا نفسيًا ويقلل من الشعور بالوحدة.
• إعادة تقييم الأولويات وإدارة الوقت بحيث لا يتمحور الاهتمام بشكل كامل حول العمل، بل يشاركها جوانب أخرى من الحياة.
• العناية بالنفس عبر ممارسة الرياضة، والتأمل، وقضاء وقت في الطبيعة لتعزيز الحالة النفسية الجيدة.

تؤكد هذه النصائح على ضرورة اعتماد أسلوب حياة متوازن يساعد في مواجهة المشاعر السلبية التي ترافق الإجازات ويحولها إلى فرصة لتجديد النشاط واستكشاف جوانب جديدة من الذات.

رسالة هادفة حول فهم وتجاوز اكتئاب الأعياد في المجتمع

تختم هاجر القايدي بتوجيه رسالة توعوية مهمة للمجتمع بضرورة تغيير النظرة التقليدية التي تربط قيمة الإنسان فقط بما يحققه من إنتاجية مهنية؛ إذ تؤمن بأن الإنسان يتجاوز حد كونه موظفًا ليشمل تحقيق الذات من خلال مصادر متعددة كالروابط الاجتماعية، والإبداع، والبساطة اليومية؛ لذلك، فإن فهم وتقبل ظاهرة اكتئاب الأعياد، والاهتمام بتحقيق التوازن بين مختلف أوجه الحياة، يمكن أن يحمي الصحة النفسية ويساعد على استثمار فترات الإجازات بطريقة صحية ومنتجة.

اكتئاب الأعياد ليس مجرد شعور مؤقت، بل هو إشارة إلى تحديات نفسية تحتاج إلى فحص واعٍ ومواجهة تقوم على تبني أساليب حياة متوازنة ومتعددة الأبعاد؛ بذلك يستطيع الفرد أن يتناغم مع نفسه أكثر، ويغتنم الإجازات كفرصة حقيقية لإعادة شحن طاقته واكتشاف فرص جديدة للنمو والاكتفاء النفسي بعيدًا عن أحادية التركيز على العمل.