الجماع وعدد مرات الممارسة وتأثيرها على الصحة.. ما الرابط الحقيقي؟

الجنس المنتظم وطول العمر لدى النساء: ما العلاقة بين عدد مرات الجماع وخطر الوفاة؟

تشير الدراسات إلى أن الجنس المنتظم لطالما ارتبط بفوائد صحية عميقة، لكن ما العلاقة بين عدد مرات الجماع وطول العمر لدى النساء تحديدًا؟ أجابت دراسة أمريكية حديثة عن هذا التساؤل الشائك بواسطة تحليل بيانات استطلاع الصحة الوطنية والتغذية (NHANES)، حيث تبين أن النساء اللاتي يمارسن الجنس بانتظام يعشن لفترة أطول مقارنة بمن لا يحافظن على وتيرة منتظمة في النشاط الجنسي، بل إن نقص هذا النشاط ارتبط بزيادة خطر الوفاة لثلاثة أضعاف، مما يسلط الضوء على أهمية العلاقة الحميمة في تعزيز الصحة العامة وطول العمر لدى النساء بشكل خاص.

تفاصيل الدراسة الأمريكية حول الجنس المنتظم وطول العمر لدى النساء ومنهجيتها

أُجريت الدراسة تحت إشراف الدكتور سريكانتا بانيرجي، أستاذ الصحة العامة في جامعة والدن، وشملت 14,542 مشاركًا من الذكور والإناث تتراوح أعمارهم بين 20 و59 عامًا، حيث طُرح عليهم سؤال مباشر حول تكرار ممارسة الجنس المهبلي أو الشرجي خلال السنة الماضية. أكد حوالي 38% من المشاركين أنهم مارسوا الجنس مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا، أي ما يعادل أكثر من 52 مرة سنويًا، وتم تتبع المشاركين لمدة خمس سنوات لربط نتيجتهم الصحية بمعدلات الوفاة المتنوعة. النتائج أظهرت أن الجنس المنتظم يرتبط بشكل مباشر بانخفاض خطر الوفاة لدى النساء، مما يبرز أهمية هذا العامل في الصحة العمومية وطول العمر.

العلاقة بين الجنس المنتظم وطول العمر: كيف تؤثر وتيرة الجماع على صحة النساء؟

تكشف الدراسة أن النساء اللاتي مارسن الجنس أقل من 52 مرة في السنة كنّ أكثر عرضة للوفاة بثلاث مرات مقارنة بالنساء الأكثر نشاطًا جنسيًا، وبذلك يظهر ارتباطًا واضحًا ومستقلًا بين الجنس المنتظم وطول العمر لدى النساء، حتى بعد تعديل المتغيرات مثل العمر، العرق، التعليم، والحالة الاجتماعية والاقتصادية. بالمقابل، لم تظهر هذه العلاقة بوضوح لدى الرجال، مما يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول الفروق البيولوجية والنفسية بين الجنسين وتأثيرها. كذلك لاحظ الباحثون أن الأشخاص ذوي القدرات العقلية المنخفضة، بغض النظر عن الجنس، استفادوا بشكل خاص من النشاط الجنسي المنتظم في تقليل خطر الوفاة.

تأثير الاكتئاب والعوامل النفسية على العلاقة بين الجنس المنتظم وطول العمر لدى النساء

رفضت الدراسة تجاهل دور الاكتئاب، حيث بينت أن المشاركات اللواتي يعانين من اكتئاب ويمارسن الجنس أقل من 52 مرة في السنة تعرضن لخطر وفاة أعلى بنسبة 200%، في حين أن ممارسة الجنس بكثافة مماثلة خفضت هذا الخطر إلى 75% رغم استمراره مرتفعًا. هذا يبرهن على أن النشاط الجنسي المنتظم يمكن أن يخفف من تأثير الاكتئاب على الصحة العامة، مما يعزز فرص البقاء لفترة أطول. الفارق الأبرز هنا هو أن النساء أكثر عرضة للاكتئاب بضعفين مقارنة بالرجال، الأمر الذي يضيف بُعدًا حيويًا لفهم العلاقة بين الجنس المنتظم وطول العمر مع مراعاة الحالة النفسية.

الفئة خطر الوفاة مقابل الجنس الممارس أقل من 52 مرة في السنة
نساء غير مكتئبات زيادة بمقدار 3 أضعاف
نساء مكتئبات زيادة 200%
رجال ونساء ذوي قدرات عقلية منخفضة انخفاض ملحوظ بخطر الوفاة مع نشاط جنسي منتظم
  • تعزز ممارسة الجنس المنتظمة الصحة القلبية الوعائية
  • تقلل من مستويات التوتر المزمن
  • تحسن الصحة النفسية وتعزز المزاج الإيجابي
  • تساهم في تحسين جودة النوم

حتى ممارسات الجنس الفردية، مثل الاستمناء، أثبتت فعاليتها في تخفيف التوتر وتعزيز الراحة النفسية، مما يشير إلى أن التوازن في النشاط الجنسي له أثر صحي شامل.

رغم هذه النتائج، لا تزال هناك أسئلة غير مُجابة حول طبيعة النشاط الجنسي، وهل تتم العلاقة ضمن إطار زواج، علاقة مستقرة، أم عابرة، الأمر الذي يجعل الباحثين يطالبون باستخدام مؤشرات أدق مثل “مستوى الرضا الجنسي” لفهم أعمق للعلاقة بين الجنس المنتظم والصحة العامة. كما أشارت دراسات سابقة إلى أن الإفراط في ممارسة الجنس قد يشكل خطرًا صحيًا، مثل تلك التي وجدت أن الرجال الذين يمارسون الجنس يوميًا معرضون لخطر الوفاة المبكرة بمقدار ستة أضعاف مقارنة بالنساء في نفس الحالة، مما يؤكد أن الاعتدال هو المفتاح.

في ضوء هذه البيانات، يتضح أن الجنس المنتظم ليس فقط متعة بحد ذاته، بل هو عامل مؤثر على الصحة وطول العمر، وخاصة لدى النساء. هذا النشاط يحتاج إلى التوازن مع الصحة الجسدية والنفسية للحياة اليومية، ليبقى عنصرًا يدعم جودة الحياة ويغذي حيوية الجسم والعقل.