تحول عالمي في موقف الدول من تل أبيب بعد مجازر غزة.. كيف أثر ذلك على العلاقات الدولية؟

تل أبيب تواجه تحولًا عالميًا في تعامل الدول بسبب مجازر غزة، حيث تتصاعد الأصوات الدولية، رغم صغر بعض هذه الدول، لتحدي سياسات الاحتلال والضغط من أجل تقييد حربها الوحشية في القطاع المحاصر؛ وهذا التغير في الموقف الدولي قد يشير إلى بداية تحوّل شامل في طريقة التعاطي مع إسرائيل على الصعيد العالمي.

تصاعد الضغط الدولي على تل أبيب بعد مجازر غزة

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا واضحًا في التحدي الدولي لسياسات تل أبيب، لا سيما من دول صغيرة نسبيًا، تسعى إلى وضع قيود على العمليات العسكرية في غزة؛ الصحيفة الأمريكية “واشنطن بوست” رصدت أن هذه الأصوات المتزايدة لا تزال تشكل تهديدًا محدودًا على المدى القريب، لكنها قد تمثل بداية تحول عالمي في التعامل مع إسرائيل، وهو ما تجلى في دعوة البابا ليو الرابع عشر إلى وقف فوري لإطلاق النار بعد أن أصابت غارة إسرائيلية الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، مما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة عشرة آخرين.

على الرغم من محاولة إسرائيل وصف الحادث بأنه ناجم عن “ذخيرة طائشة”، فقد عبر البابا عن ألمه الشديد للخسائر التي لحقت بالمجتمع المسيحي الصغير في غزة، وهو ما يعكس تزايد الحراك الدولي المناهض لتلك الممارسات، بينما تستمر محادثات هشة بين إسرائيل وحماس تهدف إلى هدنة مؤقتة؛ يأتي هذا في وقت تتواصل فيه الغارات الإسرائيلية على مواقع في غزة وتمتد إلى سوريا، حيث تبرر إسرائيل عملياتها بحماية الأقلية الدرزية من هجمات طائفية، مقابل تحليلات تشير إلى سعي تل أبيب لترسيخ نفوذها في منطقة الشرق الأوسط بعد سقوط النظام السوري.

تأثيرات قانونية ودبلوماسية في تصاعد التحول العالمي تجاه تل أبيب

على الصعيد القانوني، تلقت إسرائيل صفعة قوية عقب رفض المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي طلبًا لسحب أوامر توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إثر هجمات 7 أكتوبر 2023؛ ردت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على قضاة ومدعين في المحكمة لمحاولة الضغط عليها، مما يضيف بعدًا آخر لصراع القوى بين تل أبيب والمجتمع الدولي.

وفي المقابل، تمكن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر من تحقيق “انتصار دبلوماسي” خلال اجتماعاته مع المسؤولين الأوروبيين في بروكسل، إذ نجح في إقناع الاتحاد الأوروبي بتجنب فرض عقوبات على إسرائيل، رغم تقييمات سابقة أظهرت احتمالية انتهاكها التزامات حقوق الإنسان؛ هذا الموقف أثار غضب منظمات حقوق الإنسان، حيث وصفت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار تراجع الاتحاد الأوروبي بأنه “لحظة مخزية” و”خيانة لقاسية وغير قانونية لمبادئ الاتحاد”.

تجدر الإشارة إلى بروز ثلاث دول أوروبية في الخطوط الأمامية ضد إسرائيل، وهي إيرلندا، إسبانيا، وسلوفينيا؛ فقد اتهم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية”، ويواصل البرلمان الإيرلندي المسيرة للتشريع بحظر التجارة مع مستوطنات الضفة الغربية، بينما أعلنت سلوفينيا منع دخول وزيرين إسرائيليين متشددين إلى أراضيها، وهي خطوة وصفتها وزيرة الخارجية تانجا فايون بأنها “غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد الأوروبي”.

مبادرات دولية متصاعدة للضغط على تل أبيب بسبب مجازر غزة

على المستوى الدولي، برزت جنوب إفريقيا كمحور رئيسي في معركة محاسبة إسرائيل قضائيًا ودبلوماسيًا، خصوصًا بعد استضافتها جلسة مجموعة لاهاي بالتعاون مع حكومة كولومبيا اليسارية، التي اختتمت بتأييد 12 دولة تنفيذ حزمة إجراءات تهدف إلى “تحجيم” إسرائيل، وتتضمن هذه الإجراءات:

  • منع وصول الأسلحة إلى إسرائيل
  • حظر مرور السفن التي تنقل هذه الأسلحة
  • مراجعة العقود العامة مع الشركات المشاركة في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية

كما انضم مؤخرًا عدد من الدول لمؤتمر دولي يسعى لزيادة الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل، ومن بين هذه الدول بوليفيا، كوبا، إندونيسيا، العراق، ليبيا، ماليزيا، ناميبيا، نيكاراجوا، عُمان، سانت فينسنت والجرينادين، وكولومبيا وجنوب إفريقيا؛ وعلى الرغم من عدم انضمام قوى كبرى قد تشكل تهديدًا مباشراً لتل أبيب، فإن منظمي المؤتمر يرون أن هذه الخطوة تمثل بداية تحرك عالمي أوسع قد يفضي إلى تصعيد الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على إسرائيل مستقبلاً.

الدولة الإجراء أو الموقف
إسبانيا اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية
إيرلندا التشريع لحظر التجارة مع مستوطنات الضفة الغربية
سلوفينيا منع دخول وزيرين إسرائيليين متشددين
جنوب إفريقيا قيادة قضية إبادة جماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية

يبدو أن تحول العالم في التعامل مع تل أبيب بسبب مجازر غزة يتخذ أشكالا متعددة تمتد من الضغوط السياسية والقانونية إلى تحركات دبلوماسية واقتصادية تسعى للحد من استمرار الانتهاكات، وقد يشهد المستقبل توسعًا في هذه التحركات على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها المؤسسات الدولية والدول الكبرى في فرض مواقف موحدة.