موجة نزوح جديدة للأثرياء من بريطانيا بعد إلغاء امتياز ضريبي.. ما التبعات؟

موجة نزوح الأثرياء من بريطانيا بعد إلغاء الامتياز الضريبي تُعدّ من أبرز التطورات الاقتصادية والسياسية مؤخراً، إذ أثرت بشكل حاسم على استقرار ثروات كبار المستثمرين وتوجهاتهم في ظل تغيير جذري في نظام “غير المقيم لأغراض ضريبية” الذي استمر لسنوات طويلة. هذا القرار أدخل الكثير من الأثرياء في حالة قلق، مما دفعهم لتغيير أماكن إقامتهم الضريبية وتركزت الأحداث بين أسماء بارزة كانوا من المرتبطين بالسوق البريطاني.

تغير نظام الامتياز الضريبي وأثره على موجة نزوح الأثرياء من بريطانيا

في إبريل الماضي، ألغت الحكومة البريطانية نظام الامتياز الضريبي المعروف بـ”غير المقيم لأغراض ضريبية”، والذي كان بموجبه يُسمح للأجانب بدفع ضرائب على دخلهم المحلي فقط دون تقييد على الأرباح الخارجية ما لم تُحول إلى المملكة المتحدة، ما شجع على استقطاب رأس المال الأجنبي. القرار هدف لتعزيز إيرادات الدولة بنحو 45 مليار دولار بحلول عام 2030 لتحسين البنية التحتية وتسديد الدين، إلا أن النتائج الأولية أظهرت استجابة معاكسة تجلت في مغادرة جماعية لطبقة الأثرياء.
من ضمن المتضررين كان رجل الأعمال اللبناني النيجيري باسم حيدر، المقيم منذ 2010، والذي صرح بأنه سيقسم وقته بين دبي واليونان، خوفاً من تضاعف فاتورة الضرائب الخمسة إلى السبع مرات، إضافة إلى الخشية من ضريبة الميراث البريطانية بنسبة 40% على الأصول العالمية.

ناصف ساويرس وموجة نزوح الأثرياء من بريطانيا وتأثيرها على سوق العقارات

برز ضمن الأسماء التي غادرت لندن رجل الأعمال المصري ناصف ساويرس، أحد ملاك نادي أستون فيلا، الذي نقل إقامته الضريبية إلى إيطاليا، حيث تسمح القوانين بدفع ضريبة ثابتة سنوية على الدخل الأجنبي دون اقتطاع من إجمالي الثروة، ما يُعتبر حلاً أكثر ملاءمة للأثرياء. كما رحل الملياردير الألماني كريستيان أنجرمير إلى سويسرا بحثاً عن نظام ضريبي أيسر، في حين قررت المستثمرة الكندية آن كابلان مول هولاند وزوجها نقل إقامتهما إلى إيطاليا بعد استثمارهما أكثر من 20 مليون دولار في مشروع سياحي بقلعة إنجليزية.
هذه السحبة الكبيرة أدت إلى تراجع ملموس في سوق العقارات الفاخرة، حيث كشفت شركة “نايت فرانك” عن انخفاض مبيعات المنازل التي تفوق قيمتها عشرة ملايين دولار بنسبة 37% خلال الربع الأول من 2025، محققة أدنى سعر في عقد كامل، مع بطء ومدة إتمام الصفقات والتي أصبحت تستغرق أسابيع بعد أن كانت تتم خلال أيام فقط.

العدالة الاقتصادية وهروب رؤوس الأموال: تحديات واستجابة سوق الاستثمار البريطاني

تم إلغاء الامتياز الضريبي استجابةً لضغوط سياسية تطالب بزيادة الضرائب على الأثرياء لسد فجوة الدخل وتمويل شبكات الحماية الاجتماعية، وهو ما يتقاطع مع مبادئ العدالة الاقتصادية، ومع ذلك أبدى المعارضون مخاوفهم من أن القرار قد يعرض الاقتصاد للخطر بسبب هروب رؤوس الأموال والمؤسسات. يدرك هؤلاء وجود منافسة دولية شرسة بين مدن كبرى مثل دبي وروما وموناكو لاستقطاب هذه الطبقة الثرية عبر أنظمة ضريبية أكثر تساهلًا وجاذبية.
يجدر الإشارة إلى أن نظام “غير المقيم لأغراض ضريبية” له جذور تاريخية تعود إلى عام 1799 عندما فرضت بريطانيا أول ضريبة دخل لدعم الحرب ضد نابليون، مع إعفاء الأرباح الخارجية، وتطور عبر أكثر من قرنين ليصبح أداة رئيسية لجذب الأموال الأجنبية، خاصة من أثرياء الشرق الأوسط، وأوليغارش الروس، ثم المستثمرين من الصين والهند.
حاولت الحكومة توفير بديل مؤقت جديد يسمح للعائدين بالإعفاء من ضريبة الدخل الأجنبية لأربع سنوات، إلا أن التقييمات المبكرة توضح أن هذا الإجراء غير كافٍ لمنع النزوح المتواصل لرؤوس الأموال، مع تنامي المخاوف داخل سوق العقارات وقطاع إدارة الثروات من استمرار تدفق الأثرياء للخارج وتأثير ذلك على البيئة الاستثمارية البريطانية.

• الحفاظ على الإيرادات الضريبية من طبقة الأثرياء
• توفير بيئة استثمارية جذابة ومستقرة
• الحد من التقلّبات في سوق العقارات الفاخرة
• تطوير أنظمة ضريبية تنافسية مع العواصم العالمية