المشهد السوري يلقي بظلاله ويؤجج الجدل في مصر عن الإخوان وما يسمّى “الإسلام السياسي”.. دعاة العلمانية يؤكدون أن تعاليم القاعدة والنصرة حية ترزق فى سورية.. تساؤلات: كيف يمكن تحصين مصر مما يحدث؟ وهل المواجهة الأمنية مجدية؟
القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
لا يزال المشهد السوري يلقي بظلاله في الحياة السياسية المصرية وسط ترقب للمآلات التي تتأرجح بين تفاؤل البعض وتشاؤم الآخر.
الكاتب والأديب محمد سلماوي يقول إنها مسرحية هزلية تلك التى حدث خلال زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى دمشق برفقة نظيرها الفرنسى جان نويل بارو، وهما أول مسئولين غربيين يقومان بزيارة سورية بعد سقوط نظام الأسد واستحواذ أحمد الشرع وجماعته على الحكم، وكان الغرض من الزيارة هو طمأنة العالم إلى أن هيئة تحرير الشام تنظيم مدنى معتدل يمكن التعامل معه، وأن رئيس الهيئة المصنف إرهابيا فى معظم دول الغرب قد غيّر انتماءاته وفكره وهويته حين غير لباسه من الجلباب والعمامة إلى زى الثوار العسكرى، وغير اسمه من أبو محمد الجولانى إلى أحمد الشرع، وغير جماعته من القاعدة والنصرة إلى هيئة تحرير الشام.
ويضيف أنه كان قد سبق تلك الزيارة إدلاء الشرع بتصريحات للإعلام الغربى تؤكد أن حكمه سيكون مدنيا وأنه لن يفرض على المرأة أن ترتدى الحجاب، وقامت الولايات المتحدة بإلغاء المكافأة التى وضعتها على رأسه والبالغ قدرها 10 ملايين دولار، مشيرا إلى أن الوزيرة الألمانية صرّحت قبل الزيارة بأن حقوق المرأة لا تتعلق فقط بحرية المرأة وإنما بقضية الحريات عامة، ثم ما إن وصلت إلى دمشق حتى اتضح أن تعاليم القاعدة والنصرة حية ترزق فى سورية، ومنها عدم جواز السلام باليد بين الرجل والمرأة، وهى التعاليم التى طبقتها طالبان فى أفغانستان، وطبقتها حكومة الإنقاذ التى رأسها الشرع فى إدلب، وقد أصبحت مطبقة الآن فى سورية التى تحررت من حكم الأسد بمساعدة وتأييد ومباركة الدول الغربية بقيادة ألمانيا وفرنسا اللتين كانتا أول من بعث بوزيرى خارجيتهما للقاء النظام الجديد، واللذين يفاجآن – أو لم يفاجآ – بأن أعضاء ذلك النظام لا تلامس أيديهم أيدى النساء، فقد وصلت بيربوك دمشق وغادرتها دون أن يسلم أى مسئول سورى عليها باليد، ابتداء ممن استقبلوها بالمطار هى والوزير الفرنسى وحتى الشرع نفسه الذى مد يده بالسلام فى نفس اللقاء لنظيرها الفرنسى.
واختتم متسائلا: فمن الذى يحاول الغرب خداعه بتلك الصورة الزائفة التى يصدرونها بمساعدة إعلامهم للنظام السورى الجديد الذى من الواضح أنهم يرتاحون له كل الراحة؟
وخلص إلى أنهم فى الحقيقة يخدعون أنفسهم، لأننا نحن المصريين قد كشفنا الخديعة منذ عام 2013 ولن تنطلى علينا مرة أخرى حسب قوله.
من جهته قال السفير فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إنه لا أمل مطلقا في أنصار التيار الإسلامي، مشيرا إلى أنهم لايرون سوي أنفسهم، وهم بلاشك لايقلون شعورا متضخما بالصوابية والسمو عن أنصار الموالاة.
ويضيف أن الكتابة والتفكير في هذه الأجواء معاناة كبري بعد أن تم تجريف الوعي بتدمير التعليم وتجريف السياسة بالاستبداد والانحراف بفهم الدين ومقتضياته وعلاقته بالسياسة والحياة العامة من خلال الإخوان وفصائل الإسلام السياسي.
تسمية العشماوي “الإسلام السياسي” اعتبرها الكثيرون تنطوي على خطأ، مؤكدين أن الصواب أن نقول: السياسة الشرعية وليس الإسلام السياسي.
في ذات السياق ذكّر الإعلامي مصطفى بكري بحديث أحمد منصور علي قناة الجزيرة في 3 يونيو عام 2015 مع أبو محمد الجولاني الذي قال صراحة: إنه سيفرض الجزية علي المسيحيين القادرين، واتهم في الحديث العلويين بالكفر، وتوعد بتغيير عقيدة الدروز.
وتساءل بكري غاضبا: هل هذا الشخص يصلح لحكم سورية الحضارة والتاريخ؟!
الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسى قالها صراحة ودون مواربة: “أكبر وأهم تحصين لمصر مما يحدث حولها هو محاربة ومواجهة فكر الإخوان وأفكار الجماعات المتطرفة وليس فقط الاكتفاء بالمواجهة الأمنية”.
ويضيف أن التاريخ والحاضر يشرحان لنا أن المواجهة الأمنية لها عمر افتراضي.
من جهته قال السفير محمد مرسي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إنه كمواطن مصري عربي مسلم يعطي الشرع تقييماً يقترب من 10/10، مشيرا إلى أنه لا يزال علي هذا التقييم إذا ما تطابقت أقواله التي استند إليها في هذا التقييم مع أفعاله.
ويضيف أنه كان من الممكن أن تكتمل هذه العلامة أو الدرجة لو لم يصمت علي تدمير إسرائيل للسلاح السوري الذي أصبح سلاحه واحتلالها لأراض إضافية من سورية التي أصبحت أيضاً أرضه.
ويقول إنه لا يطلب هنا قطعا دخوله في مواجهة الآن ولكن كان يكفي فقط الإعلان بالقول عن رفضه لهذا العدوان الإسرائيلي ولأي عدوان لأي دولة علي بلاده، ولو اتخذ موقفاً أكثر اتزاناً وتحفظاً إزاء دور تركيا في سورية وبالتبعية إزاء الأكراد وطوائف أخري، وكذا التعيينات ذات الطابع الفئوي العقائدي التي هزت بدرجة ما ثقة وتوقعات أو آمال الكثيرين في أن يضرب نموذجاً جيداً للإسلام السياسي المعتدل إن صح التعبير.
وعن سر هذا التقييم المرتفع لأدائه وحكومته حتي الآن، فيعود إلي أنه مازال يلتمس له العذر كونه في بداية مرحلة انتقالية خطيرة وربما تكون طويلة لها حساسيتها وظروفها وتوازناتها التي صاحبت سقوط نظام بشار وتداعياته ومتطلبات هذا السقوط والتي قد تفرض عليه مواقف وقرارات قد لا تعبر بالضرورة عن حقيقة توجهاته ونواياه وطموحاته.
واختتم متمنيا سرعة إعادة الإتزان والنهوض بكل مؤسسات الدولة المنهارة وعلي نحو يؤسس لسورية الموحدة الديمقراطية غير الطائفية وغير العقائدية، مؤكدا أن هذه مهمة شاقة وعسيرة ،ولكن نجاحها سيكون نموذجاً عظيماً للتغيير وبناء الدولة كما ينبغي أن تكون من شأنه التأثير علي دول الإقليم وغيره من أقاليم المعمورة.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: