أشباه الموصلات .. فرصة ذهبية للمملكة المتحدة – مصر بوست

مع استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في قطاع أشباه الموصلات دون بوادر تهدئة، تسعى الدول الأخرى المنتجة لأشباه الموصلات لتجنب الأضرار الجانبية.

في اليابان، التي كانت رائدة هذا القطاع حتى تجاوزتها كوريا الجنوبية وتايوان، تدعم الحكومة مشروعاً جديداً يعتمد على تكنولوجيا مبتكرة لتطوير الرقائق الأكثر تقدماً.

أما الاتحاد الأوروبي، فيواصل المضي قدماً في برنامج استثماري لبناء مصانع تصنيع الرقائق، بتمويل جزئي من الحكومات الوطنية بموجب قانون “الرقائق الأوروبي”.

ماذا يجب أن تفعل المملكة المتحدة؟

هذا سؤال يستحق أن يناقشه مجلس استراتيجية الصناعة الجديد للحكومة البريطانية، الذي تم الإعلان مؤخراً عن تشكيل أعضائه، حسب ما ذكرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.

تملك المملكة المتحدة شركة “آرم”، وهي واحدة من أكثر شركات أشباه الموصلات قيمةً في العالم، رغم أن ملكيتها تعود في معظمها لشركة “سوفت بنك” اليابانية.

وقد ارتفع سعر سهم “آرم” بسرعة في الأشهر الأخيرة بفضل دورها المتوقع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لكن “آرم” تعمل كمُرخصة للملكية الفكرية وليست شركة تصنيع.

هنا تحديداً تكمن الفجوة التي تعاني منها المملكة المتحدة مقارنةً بالجانب التصنيعي لهذه الصناعة.

بسبب قرارات اتخذتها الحكومات والشركات على مدار الـ40 عاماً الماضية، لا تملك المملكة المتحدة مصنعاً كبيراً وشاملاً لأشباه الموصلات يمكن مقارنته بثلاثة من رواد هذا القطاع في أوروبا، وهم “إنفينيون” في ألمانيا، و”إن إكس بي” في هولندا، والشراكة الفرنسية-الإيطالية “إس تي ميكروإلكترونيكس”.

تتميز صناعة أشباه الموصلات في المملكة المتحدة بصغر حجمها، حيث تلبي معظم المصانع احتياجات الأسواق المتخصصة.

ومن بين اللاعبين الجدد، شركة “فيشاي” الأمريكية لصناعة المكونات الإلكترونية، التي اشترت مصنع “نيوبورت وايفر فاب” في جنوب ويلز.

وعلى عكس المالك السابق “نكسبيريا”، التي كانت تصنع رقائق السيليكون هناك، تخطط “فيشاي” لتحويله إلى مركز إنتاج لرقائق “كربيد السيليكون” و”نيتريد الجاليوم”، وهي أشباه موصلات مركبة تتميز بانخفاض استهلاكها للطاقة ومزايا أخرى، مما يجعلها خياراً متقدماً على السيليكون، خاصةً في الأسواق الصناعية والسيارات.

تشكل أشباه الموصلات المركبة حالياً ما يقرب من 20% من إجمالي الطلب على أشباه الموصلات، وهو قطاع شهدت فيه الشركات البريطانية استثمارات كبيرة في السنوات الأخيرة، بدعم حكومي في بعض الحالات.

من الأمثلة على ذلك شركة “بليسي لأشباه الموصلات” في بليموث، التي تصنع رقائق عرض دقيقة تعتمد على “نيتريد الجاليوم”.

كما تضم جنوب ويلز مجموعة من الشركات المتخصصة في أشباه الموصلات المركبة، بعضها مملوك لأجانب، والتي تطور وتصنع منتجات لصالح عملاء صناعيين، ومن المتوقع أن يعزز وجود “فيشاي” في نيوبورت هذا التجمع.

في ظل التوسع السريع للقطاع وظهور تطبيقات جديدة، وتجنبه للهيمنة من الشركات الكبرى الآسيوية أو الأمريكية، يمثل قطاع أشباه الموصلات المركبة فرصة واعدة للمملكة المتحدة.

لا يعاني القطاع من نقص في الأفكار الواعدة القادمة من الجامعات، كما أن للمملكة المتحدة قطاع تصميم نابض بالحياة في هذا المجال.

لكن ما تحتاجه المملكة المتحدة لتحويل هذه الأفكار إلى منتجات هو إنشاء مصنع مفتوح للوصول.

ويمكن لمثل هذا المصنع أن يلعب دوراً مشابهاً لمصانع أشباه الموصلات القائمة على السيليكون في أوروبا وأماكن أخرى، لخدمة الشركات التي لا تملك قدرة تصنيع خاصة بها.

كما يمكن بناء المصنع على موقع جديد أو بجوار منشأة قائمة، وعلى الأرجح، سيتطلب التمويل مشاركة حكومية.

ومن الممكن أن يمول ائتلاف من شركات أشباه الموصلات والمستثمرين الخاصين ثلثي المشروع، بينما تتحمل الحكومة النسبة المتبقية.

كما أظهرت الأحداث الأخيرة، فإن أشباه الموصلات لها أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة، مما يستوجب على الحكومة امتلاك خطة واضحة لهذا القطاع.

ولا شك أن التركيز على أشباه الموصلات المركبة يمثل طريقاً محتملاً للمضي قدماً.

close