تعثر مشروع ذا لاين في نيوم يكشف تحديات التوازن بين الطموح الهندسي والقيود الفيزيائية

ذا لاين نيوم السعودي يعاني تعثراً واضحاً بين طموحات الهندسة الغريبة وقوانين الفيزياء الصارمة، إضافة إلى أعباء التمويل التي تحد من تقدم المشروع، الذي أُطلق عام 2021 بهدف بناء مدينة مستقبلية بطول 170 كيلومتراً وارتفاع 500 متر، تستوعب تسعة ملايين نسمة وسط بيئة خالية من السيارات والانبعاثات، وهو مشروع يرمز إلى رؤية السعودية 2030 في تنويع الاقتصاد وتعزيز الابتكار.

التحديات الهندسية والفيزيائية أمام ذا لاين نيوم السعودي

يواجه مشروع ذا لاين نيوم السعودي عوائق هندسية فريدة من نوعها، إذ حذر خبراء من صعوبة تصميم وتعليق هياكل ضخمة تمتد لمئات الأمتار في الهواء، مما قد يؤدي إلى تحركها كـ “بندول متأرجح” مع تأثيرات الرياح والزلازل، وهو ما يعقد مفهوم الثبات والاستقرار في التصميم العمراني؛ كذلك يتطلب الجدار الزجاجي الممتد على مئات الكيلومترات كميات هائلة من مواد البناء كالصلب والخرسانة، تفوق قدرات الإنتاج العالمي خلال عشر سنوات، حيث تقدر الدراسات الفنية لمرحلة البناء الأولى بأن شحنة مواد بناء يجب أن تصل كل ثماني ثوانٍ لإكمال وحدات المشروع، ما يعكس التحديات الكبيرة في مدى تنفيذ هذا الحلم الحضري.

الأعباء المالية وتأثير ضعف التمويل على مشروع ذا لاين نيوم السعودي

تجاوزت تكلفة مشروع ذا لاين نيوم السعودي حتى الآن 50 مليار دولار، مع تقليص حجم المرحلة الأولى من 20 وحدة إلى ثلاث فقط، حيث بلغت تكلفة الوحدة الواحدة ما يقرب من 48 مليار دولار، وفق تقارير اقتصادية؛ وتراجع أسعار النفط وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية أدى إلى تقليص صندوق الاستثمارات العامة السعودي مخصصاته المالية، ما دفع الخبراء للحديث عن تحول المشروع من خطة تنفيذية محددة زمنياً إلى “خطة تطوير ممتدة على عدة أجيال”.

البندالتفاصيل
تكلفة المشروع الكليةأكثر من 50 مليار دولار
عدد وحدات المشروع في المرحلة الأولى3 وحدات (بعد تقليص من 20)
تكلفة الوحدة الواحدة

التحديات البيئية والمعمارية التي تواجه ذا لاين نيوم السعودي

لا يتوقف تعثر ذا لاين نيوم السعودي على الجانب الهندسي والمالي فحسب، بل يواجه انتقادات بيئية قوية بسبب موقعه الذي يتقاطع مع مسارات الطيور المهاجرة، مما يتهدد التنوع البيولوجي بمنطقة المشروع؛ بالإضافة إلى التصميم الحضري المكثف الذي يقلل من دخول الضوء الطبيعي ويعيق حركة الهواء داخل المدينة، ما اضطر الفريق المطور إلى ابتكار أنظمة تهوية وإخلاء حديثة غير مسبوقة في مشاريع عمرانية بمثل هذا الحجم.

  • مخاطر على التنوع الحيوي بسبب مسارات الطيور المهاجرة
  • نقص دخول الضوء الطبيعي داخل المدينة
  • تعقيدات حركة الهواء والتهوية

بالرغم من جميع هذه التعقيدات، تؤكد إدارة نيوم أن ذا لاين لا يزال على رأس أولوياتها الاستراتيجية، مع العمل المستمر على تنفيذ أجزاء منه، كما تُظهر صور الأقمار الصناعية نشاطاً في بعض المناطق من عمليات الحفر والبناء؛ إلى جانب تركيز الجهود على مشاريع أخرى أكثر واقعية مثل منتجع تروجينا للتزلج وميناء سندالة السياحي.

يبقى مشروع ذا لاين نيوم السعودي مشاهدة مهمة لطموح سعودي متجدد، لكنه اصطدم بشروط فيزيائية وتمويلية صعبة، ما دفع الخبراء إلى توصيفه بأنه نموذج يبرز الحاجة لإعادة التقييم والتخطيط من أجل تحقيق نماذج عمرانية أكثر قابلية للتطبيق مع تقدم الزمن والتقنيات.