جلسة في الشارقة تناقش تأثير الثنائية الضدية على الفكر الثقافي العربي

الثنائية الضدية في الفكر الإنساني تمثل حجر الزاوية لفهم العالم والتعبير عنه، إذ لا يولد المعنى إلا من صراع الأضداد وتناقضاتها العميقة التي تشكل نبض الفكر الإنساني ذاته، كما أُبرز في الأمسية الثقافية التي نظمها النادي الثقافي العربي في الشارقة بحضور نخبة من المثقفين والكتاب.

الثنائية الضدية في الفكر الإنساني: جذورها وتطورها عبر الثقافات

تُعَد الثنائية الضدية ظاهرة فكرية فريدة، تعبر حدود الثقافات وتنسج نسيج التعبير والاستيعاب الإنساني، إذ تحتوي على أزواج من المبادئ المتقابلة مثل الخير والشر، النور والظلام، التي تُفسر بها صور العالم ومكوناته. واستعرضت الدكتورة سمر الديوب في حديثها فلسفة الثنائية انطلاقًا من الحِكَم اليونانية مع فيثاغورس وأفلاطون، مرورًا بالتراث الصيني حيث ظهرت ثنائية بانغ وبين كوحدة إيقاع كونية متوازنة، ثم إلى الفلسفات الهندوسية والبوذية التي حاولت توفيق الأضداد، إضافة إلى الثنائية الواضحة في مذاهب الزرادشتية والمانوية بين الخير والشر، والنور والظلمة. أما في الفلسفة العربية والإسلامية، فقد تجلت هذه الثنائية جليًا في أفكار الفارابي، المدينة الفاضلة، ابن سينا بقصيدته العينية، وأطروحات ابن رشد، ليظل هذا المفهوم فاتحًا للعديد من المحطات الفكرية والثقافية التي حفرت على ضفافه تعبيرات إنسانية متعددة.

تجليات الثنائية الضدية في العلوم والفلسفة الحديثة

امتدت آثار الثنائية الضدية إلى ميادين علمية وفلسفية متعددة، حيث بيّنت الدكتورة سمر الديوب كيف تجسدت هذه البنية في علم الطاقة، والفيزياء، والرياضيات، إذ تُعَد الثنائيات الضدية قاعدة أساسية لفهم الظواهر الطبيعية. كما رصدت محاضرتها حضور الثنائية في الفكر الفلسفي المعاصر عبر هيجل، ماركس، ودريدا الذي فكك الثنائيات ليكشف آليات الهيمنة والبنى الاجتماعية والسياسية. أما في مجال اللغة والأدب، فتنساب هذه الثنائية في أطروحات دي سوير، لتمتد إلى التيارات الرومانسية، البنيوية والتفكيكية، مظهرةً كيف يتحرك الفكر ويتولد المعنى من التصادم بين الأضداد، فالفكر قائم على وجود ضده الذي يُغذي وجوده، مثل الحياة والموت، الذات والآخر، الدال والمدلول، متشكّلة بذلك تقابلًا متوترًا ينبثق منه كل إبداع إنساني.

الشهادات والتأملات حول الثنائية الضدية في الفكر الإنساني

أشاد الدكتور صالح هويدي بسعة اطلاع الدكتورة سمر الديوب وعمق أطروحاتها؛ موضحًا أن معرفة الإنسان بالتضاد والتقابل بين المتناقضات ليست إلا نتيجة طبيعية للتجربة الإنسانية، إذ يولد الإنسان معرفته من رؤية الحياة رغم الموت، والشر في مقابلة الخير، وهذا ما جعل ثنائية الأضداد ظاهرة فطرية رافقت الفكر الإنساني من نشأته وحتى اليوم. ومن جهته، علق الدكتور عمر عبد العزيز على المحاضرة قائلًا إن د. سمر ديوب أبحرت في عالم الثنائية الضدية بشمولية أدبية وفلسفية وعلمية؛ مغامرةً في تقلبات المفهوم التاريخية ومآلاته في الفنون، الرياضيات، والفلسفات المتعددة، موثقًا ذلك بنغمات الوجود الحاضر والغائب التي تنعكس في ثنائية الوعي الإنساني.

  • الثنائية الضدية كمفهوم فلسفي عابر للثقافات
  • تقدم الفكر الإنساني محطات متنوعة تتجلى من خلالها الثنائية
  • تأثير الثنائية الضدية على العلوم والآداب والفلسفة الحديثة
العصر والفيلسوفمساهمة في مفهوم الثنائية
العصور القديمة (فيثاغورس وأفلاطون)بداية التناول الفلسفي للثنائية
الصين والهند القديمةإيقاعات كونية ومحاولات توفيق الأضداد
الفلسفة الإسلامية (الفارابي، ابن سينا، ابن رشد)تجليات في المفاهيم الفلسفية والأدبية
الفكر الحديث (هيجل، ماركس، دريدا)تفكيك الثنائيات واستراتيجيات الهيمنة