إغلاق مكاتب الصرافة.. هل يزيد من قوة السوق الموازية في ليبيا؟

إغلاق مكاتب الصرافة في ليبيا لا يزال يشكل محور جدل كبير وسط تزايد أزمة النقد الأجنبي وارتفاع سعر الدولار، خاصة مع توسع السوق الموازية التي باتت تهدد استقرار الاقتصاد الوطني، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة هذا الإجراء على إنهاء الأزمة أم أنه يعزز من وجود السوق السوداء.

أسباب إغلاق مكاتب الصرافة في ليبيا وتأثيره على أزمة الاقتصاد الوطني

قرار مصرف ليبيا المركزي بإغلاق عدد من مكاتب الصرافة يأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة، حيث يواجه الدينار الليبي هبوطًا حادًا أمام الدولار، مما دفع المركزي إلى اتخاذ إجراءات تهدف لدعم العملة المحلية والتحكم في السوق الموازية، ومنها فرض قيود وإغلاق المكاتب غير المنظمة. لكن هذا القرار لم يصاحب بدائل واضحة، الأمر الذي أثار قلق التجار الذين يعتمدون بشكل كبير على الدولار، خاصة في ظل اعتماد ليبيا شبه الكامل على السلع المستوردة. يرى الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الكاديكي أن غياب القنوات الحكومية الداعمة زاد من أعباء المصرف المركزي، وجعله وحيدًا في مواجهة التضخم المتزايد وتدهور الدينار؛ فالمصرف يلعب دور ميزان الاقتصاد من خلال تحقيق التوازن بين الصادرات والواردات، ولكنه وجد نفسه في مصيدة التضخم وانهيار العملة، ما استدعى فرض قيود على السوق الموازية. كما حذر الكاديكي من الانزلاق إلى تجربة لبنان حيث أصبح الدولار عملة التداول الأساسية خارج سيطرة الدولة، مؤكداً ضرورة وجود حكومة موحدة وشخصيات قيادية قادرة على تنظيم الاقتصاد بشكل فعال.

دور السياسات المصرفية في ليبيا وتأثير إغلاق مكاتب الصرافة على السوق الموازية

السياسات التي تبناها مصرف ليبيا المركزي، من بينها إغلاق مكاتب الصرافة المخالفة، تستهدف الحد من الانتهاكات التي تزيد من ضغوط التضخم على المواطن، من خلال فرض قواعد واضحة على تداول الدولار وتحديد هامش الربح في مكاتب الصرافة المرخصة. ومع ذلك، يشير الخبراء المصرفيون مثل فوزي ددش إلى أن ضعف الرقابة على تعاملات العمالة الوافدة، التي تشكل حوالي ثلاثة ملايين عامل، واستمرار غياب الضوابط الخاصة بها، ساهم بوضوح في تغذية السوق الموازية. إضافة إلى ذلك، فإن انخفاض جودة الخدمات المصرفية وتراجع الثقة في المؤسسات الرسمية دفع شريحة واسعة من المتعاملين للاتجاه نحو السوق السوداء بحثًا عن التسهيل والسرعة. من جهته، ينتقد إبراهيم السنوسي، رئيس تحرير «منصة مال وأعمال»، تأخر منح تراخيص مكاتب الصرافة وتأخر تطبيق القرارات المنظمة منذ سنوات، مشيراً إلى أن الاستمرارية في بيع العملات خارج الإطار الرسمي أمر يمثل جريمة اقتصادية لكنه لا يزال مستمرًا بفعل توسع السوق السوداء.

آفاق إغلاق مكاتب الصرافة في ليبيا وتأثيره على الاستقرار النقدي

رغم الإغلاق الذي طال عدداً كبيراً من مكاتب الصرافة، يرى الأكاديمي الاقتصادي صقر الجيباني أن هذا الإجراء لا يعالج الجذور الحقيقية لأزمة العملة والسيولة النقدية في ليبيا، حيث تعاني البلاد من نقص في النقد وتدهور قيمة الدينار بسبب عوامل متعددة، من ضمنها سحب فئات العملات النقدية الأخيرة، في حين أعلن المركزي مؤخرًا وجود سيولة نقدية تبلغ ثلاثة مليارات دينار سيتم توزيعها قريباً، لكن ذلك لا يكفي للحد من تأثير السوق الموازية التي أصبحت تستخدم قنوات إلكترونية بديلة في تداول العملات الأجنبية، مما يزيد من صعوبة السيطرة على سعر الصرف. يعمل المصرف المركزي حالياً على تنظيم السوق من خلال ترخيص مكاتب وشركات الصرافة الرسمية وتحديد هامش الربح، مع استئناف عمل المكاتب المرخصة، حيث تعتمد سياسته على إغلاق المكاتب التي تمارس تجاوزات مالية أو ترفع الأسعار بطرق غير قانونية، على أمل تقليل الأثر التضخمي على المواطنين.

  • تنظيم تراخيص مكاتب وشركات الصرافة
  • تحديد هامش الربح القانوني لبيع الدولار
  • فرض رقابة صارمة على التعاملات المالية
  • تسهيل إجراءات الحصول على العملة الأجنبية خلال القنوات الرسمية
  • وضع آليات بديلة لسد الفجوات النقدية في الأسواق المحلية
الإجراء التأثير
إغلاق مكاتب الصرافة غير النظامية حد من الانتهاكات السعرية لكنه خلق نقصًا في نقاط الحصول على الدولار
منح تراخيص جديدة للمكاتب الرسمية ينظم السوق ويقنن تداول الدولار والدفع بالعملة المحلية
فرض قيود على العمالة الوافدة والتعاملات المصرفية يساهم في تقليص السوق السوداء ويعزز السيولة الرسمية

إغلاق مكاتب الصرافة في ليبيا يشكل محاولة لمحاصرة السوق الموازية والسيطرة على أسعار الصرف المتقلبة، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديات واقعية تتمثل في ضعف الثقة بالخدمات المصرفية الرسمية، وعدم وجود بدائل كافية للتجار والمواطنين. هذه السياسات تحتاج إلى دعم شامل من الحكومة واتباع إجراءات موحدة ومتناسقة بين المصرف المركزي والجهات الحكومية المختلفة، مع ضرورة تعزيز الثقة في القنوات الرسمية وتسهيل الحصول على الدولار، لتجنب الانزلاق نحو سيناريوهات اقتصادية كارثية قد تؤدي إلى تدهور أكبر في قيمة الدينار واستمرار هيمنة السوق السوداء على الاقتصاد الوطني.