الكبريت القمري.. علماء يكشفون اختلافات جوهرية بين الكبريت على القمر والأرض

اكتشف علماء أمريكيون أن التركيب النظائري للكبريت في عينات من وادي توروس-ليترو القمري يختلف بشكل ملحوظ عن نظيره الموجود على الأرض، مما يفتح نافذة جديدة على تاريخ تشكّل القمر والنظام الشمسي. هذا الاختلاف في الكبريت يبرز أهمية الدراسات النظيرية في التمييز بين أصل الصخور القمرية، حيث كان التشابه في نظائر الأوكسجين معروفاً بين الأرض والقمر، ولكن الكبريت أظهر حالة فريدة مختلفة تماماً.

تحليل التركيب النظائري للكبريت في عينات القمر من وادي توروس-ليترو

ساعد التركيب النظائري للكبريت في عينات وادي توروس-ليترو العلماء على فهم منشأ الصخور القمرية بدقة أكبر، باستغلال تقنيات متطورة لم تكن متاحة في زمن بعثات أبولو. فعندما جرى إتمام مهمة أبولو الأمريكية الأخيرة عام 1972، تم حفظ عينات من تربة القمر مركونة داخل حاويات محكمة الختم، تحفز الأمل لدى الباحثين المستقبليين لدراسة هذه العينات بأجهزة أكثر تطورًا. وهذا ما تحقق بالفعل، حيث استخدم العالم الجيوكيميائي جيمس داي مطيافية الكتلة الأيونية الثانوية لدراسة عينات التربة القمرية؛ تقنية مكنت من كشف اختلافات كبيرة في تركيب الكبريت النظائري، لم يكن بالإمكان رصدها في السابق، ما دفع لفهم أعمق لتركيب القمر.

التفسيرات العلمية للكبريت غير الطبيعي في تربة القمر

ابتكر جيمس داي تفسيريْن رئيسيين لوجود الكبريت ذو التركيب النظائري غير المعتاد على سطح القمر، الأول يعتمد على فرضية بقاء بقايا العمليات الكيميائية المبكرة التي حدثت خلال مراحل تكوين القمر، حيث تشير التراكيز المنخفضة للنظير “³³S” إلى تفاعل الكبريت مع الضوء فوق البنفسجي داخل غلاف جوي رقيق بصريًا كان موجوداً لفترة وجيزة في بداية تشكّل القمر. أما التفسير الثاني فيفترض أن الكبريت المميز يعود إلى التركيب الفريد الناتج عن تصادم الأرض بالكوكب البدائي “ثيا”، الأمر الذي ساهم في تشكّل القمر وترك بصمة نظيرية مختلفة للكبريت في صخوره.

أهمية دراسة البصمات النظيرية في فهم تشكّل النظام الشمسي

يؤكد جيمس داي أن البيانات المتوفرة حالياً غير كافية للتمييز بين التفسيرين المتعلقين بالكبريت على القمر، ما يستوجب جمع وتحليل عينات إضافية من المريخ وأجرام سماوية أخرى لتعميق الفهم العلمي. ويبرز في هذا السياق دور توزيع البصمات النظيرية في الإسهام بتوضيح آليات تشكّل النظام الشمسي، إذ تكشف هذه الدراسات عن التفاعلات الكيميائية والفيزيائية التي مرت بها الأجرام السماوية. ومن الخطوات الأساسية في هذا البحث:

  • تحليل عينات من مختلف الأجرام السماوية باستخدام تقنيات مطيافية متطورة
  • مقارنة التركيبات النظيرية للكبريت والعناصر الأخرى بين الأرض والقمر والمريخ
  • تطوير نماذج جديدة لتفسير تطور وتشكّل الأجرام السماوية بناء على البيانات النظيرية
العنصر المصدر النظيري
كبريت (S) وادي توروس-ليترو، القمر
أكسجين (O) الأرض والقمر (مألوف)
كبريت (S) غير طبيعي بقايا كيميائية مبكرة أو تصادم “ثيا”

تعد دراسة التركيب النظائري للكبريت في عينات وادي توروس-ليترو القمري من المحاور الأساسية في البحث العلمي الحديث لدراسة نشأة القمر وتاريخه، ويشكل تقدير البصمات النظيرية المتنوعة أداة لا غنى عنها لكشف أسرار النظام الشمسي القديم، وإجراء المقارنات الدقيقة بين تركيب الأرض والقمر والمكونات الأخرى في الفضاء، وهو ما يعزز فهمنا للتفاعلات الكيميائية الفريدة التي شهدتها المراحل الأولى في تاريخ كوكبنا والقمر.