تصاعد الأسعار.. الدولار والذهب في سوريا يشهدان ارتفاعًا غير مسبوق بسبب عوامل معقدة

سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء السورية يواصل الارتفاع ليصل إلى 11600 ليرة سورية، مسجلاً زيادة قدرها 300 ليرة مقارنة بالأيام الماضية وفقًا لمصدر “الليرة اليوم”، بينما استقر سعر الدولار في نشرة مصرف سوريا المركزي عند 11000 ليرة سورية، وارتفع سعر الذهب بنحو ملحوظ، حيث بلغ سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطًا مليوناً و285 ألف ليرة للبيع، ومليوناً و265 ألف ليرة للشراء، وسجل غرام عيار 18 قيراطًا مليوناً و100 ألف ليرة للبيع، ومليوناً و80 ألف ليرة للشراء وفق نشرة نقابة الصاغة في دمشق.

تفسير ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء السورية وأسعار الذهب

تتعدد العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء السورية وأسعار الذهب بشكل مستمر في السوق المحلية، كما يقترح الدكتور عبد الرحمن محمد، أستاذ الاقتصاد في جامعة حماة، في حديثه لصحيفة “عنب بلدي”، حيث تعود الأسباب إلى ندرة الدولار في السوق المحلية نتيجة العقوبات الاقتصادية، محدودية الصادرات، وغياب الاستثمارات الأجنبية، ما خلق حالة من ارتفاع الطلب مقابل العرض المحدود؛ كما يعمق التضخم المحلي والعالمي الذي تتسبب به الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية هذه الزيادات، ما دفع المستثمرين للجوء إلى الذهب كملاذ آمن ضد التقلبات السعرية المستمرة. إضافة إلى ذلك، ساهمت السياسات النقدية العالمية، عبر خفض معدلات الفائدة على الدولار، في زيادة الإقبال على الذهب كخيار بديل يحمي المستثمرين من مخاطر التضخم. كما يشكل نشاط السوق الموازية عاملًا معززًا للفجوة بين السعر الرسمي وأسعار السوق السوداء عبر المضاربة والتداول السريع، مما يرفع الأسعار بشكل ملحوظ. وأشار محمد إلى احتمالية تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز 12000 ليرة إذا استمر شح الدولار وازداد الطلب عليه نتيجة الاعتماد الكبير على الاستيراد، بالإضافة إلى استمرار تضخم الأسعار وصعوبة السيطرة على سعر الصرف دون وجود سياسات نقدية فعالة.

الآثار الاقتصادية للسياسات النقدية على تباين سعر صرف الدولار الأمريكي بين السوق الرسمية والسوداء

يرى الدكتور عبد الرحمن محمد أن الفجوة الكبيرة بين سعر صرف الدولار الأمريكي الرسمي في سوريا والسعر في السوق السوداء تُعزى أساسًا إلى ضعف فعالية السياسات النقدية المعتمدة، حيث يُحدد السعر الرسمي عند مستوى منخفض لا يعكس واقع الاقتصاد الفعلي، مما يؤدي إلى ظهور سوق موازية نشطة تلبي الطلب الحقيقي على العملة الأجنبية. وذكر أن القيود المفروضة على التحويلات المالية وسحب الدولار من البنوك الرسمية تدفع التجار والمستوردين للاتجاه نحو السوق السوداء لتأمين احتياجاتهم، ما يعمق تلك الفجوة بين السوقين. فضلاً عن ذلك، يرتبط ارتفاع سعر الدولار الأمريكي مباشرة بارتفاع أسعار الذهب محليًا، إذ يتم تسعير الذهب عالميًا بالدولار، مما يجعل المواطنين يلجأون لشراء الذهب كوسيلة لحماية أموالهم من فقدان قيمة الليرة السورية.

استراتيجيات عملية للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي وتعزيز قيمة الليرة السورية

في مواجهة الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار الأمريكي وانخفاض قيمة الليرة السورية، يؤكد المختصون أهمية تبني إصلاحات اقتصادية ترتكز على محاور أساسية من أجل تحسين الوضع النقدي والاقتصادي، مع التركيز على:

• تعزيز الإنتاج المحلي بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو ما يخفف من الطلب على الدولار الأمريكي
• جذب الاستثمارات الأجنبية لزيادة تدفق الدولار وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التقلبات
• اتباع سياسات نقدية مرنة وشفافة تضمن تحقيق الاستقرار في سعر الصرف وتقليل الهوة بين السوق الرسمية والسوق السوداء

يمثّل هذا الارتفاع في أسعار الدولار الأمريكي والذهب انعكاسًا حقيقيًا لتحديات اقتصادية مركبة تواجه سوريا، منها نقص العملات الأجنبية، تفاقم التضخم، وضعف تطبيق السياسات النقدية الفعالة، في ظل استمرار إغلاق بعض الهيئات الحكومية الأمريكية التي تؤثر بدورها على سوق الذهب العالمي، حيث وصل سعر الأونصة إلى مستويات قياسية قريبة من 4000 دولار، طبقًا لتقارير “الشرق” الاقتصادية. كما جعل تأجيل صدور بيانات الوظائف الأمريكية المشهد الاقتصادي أكثر غموضًا، فزاد الطلب على الذهب بنسبة 1.5% ليبلغ 3945 دولارًا للأونصة. وترتبط هذه الزيادة في سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء ببعض العوامل المتشابكة مثل ضعف التدخل الرسمي، شح الدولار، الاعتماد الكبير على الاستيراد، وغياب سياسات نقدية قوية، مما يقوّض القوة الشرائية للمواطن ويرسخ الأزمات الاقتصادية في سوريا.