ارتفاع الدولار والذهب.. تعرف على العوامل التي تدفع السوق السورية للصعود

ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في سوريا يمثل تحديًا حقيقيًا للاقتصاد الوطني، حيث شهد الدولار قفزته الأخيرة التي وصلت إلى 11600 ليرة سورية، فيما أعلن مصرف سوريا المركزي أن السعر الرسمي محدد عند 11000 ليرة، كما ارتفع سعر الذهب في الأسواق المحلية، ما يعكس تأثيرات عميقة متعلقة بالعملة الصعبة وتأثيرها على القوة الشرائية في البلاد.

الأسباب الرئيسية لارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في سوريا

يرى الدكتور عبد الرحمن محمد، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حماة، أن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في سوريا مرتبط بعدة عوامل رئيسية يمكن تلخيصها فيما يلي:

• شح الدولار الأمريكي في السوق المحلية نتيجة تدابير العقوبات الاقتصادية، وانخفاض تدفق العملات الأجنبية نتيجة انخفاض الصادرات وقلة الاستثمارات الأجنبية.
• ارتفاع التضخم العالمي والمحلي، متأثرًا بالأزمات الاقتصادية والجيوسياسية مثل الحرب الروسية الأوكرانية، مما دفع المستثمرين للجوء إلى الذهب كملاذ آمن، ما رفع من أسعاره محليًا.
• السياسات النقدية الدولية، إذ أدى خفض معدلات الفائدة على الدولار عالميًا إلى زيادة الطلب على الذهب بديل استثماري، مما رفع أسعاره في السوق السورية.
• ازدياد الفجوة السعرية بين السعر الرسمي للدولار وسعر السوق السوداء، مما يغذي المضاربات المالية وسرعة ارتفاع الأسعار في السوق الموازية.

ويؤكد محمد أن هذا التصاعد قد يدفع سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد لتجاوز حاجز 12000 ليرة سورية، مستندًا إلى استمرار ندرة الدولار في السوق، والاعتماد الكبير على الاستيراد الذي يزيد الطلب في السوق الموازية، بالإضافة إلى تضخم محلي يصعب السيطرة عليه في غياب سياسات نقدية فعالة.

تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء على الاقتصاد السوري

يرتبط ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في سوريا بشكل مباشر بتأثير سلبي على القوة الشرائية للمواطن السوري، حيث يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية المستوردة التي تُسعر بالدولار، ما يرفع تكلفة المعيشة ويقلص القدرة الشرائية.
يُضاف إلى ذلك أن هذا الارتفاع يعزز من تضخم مفرط، مع تسارع نمو أسعار السلع والخدمات مقارنة بالأجور، مما يزيد الأعباء على العائلات السورية ويعمق معاناتها الاقتصادية، كما يؤثر سلبًا على مدخرات المواطنين التي تتآكل نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية.
ويشير محمد إلى أن اعتماد السوريين المتزايد على الدولار كوسيلة لحفظ القيمة يزيد الطلب على العملة الصعبة، ما يغذي حلقة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

السياسات النقدية غير الفعالة والحلول المقترحة لارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في سوريا

يرجع الدكتور محمد فجوة الأسعار بين السعر الرسمي للسوق الرسمية وسعر السوق السوداء إلى سياسات نقدية غير فاعلة عمومًا، حيث لا يعكس السعر الرسمي واقع السوق الاقتصادي، الأمر الذي يدفع المتعاملين للاستفادة من السوق الموازية للحصول على الدولار.
ويزداد الأمر سوءًا بفعل قلة المعروض من الدولار في القنوات الرسمية، وفرض القيود على التحويلات المالية وسحب العملات الأجنبية، ما يحد من وصول القطاع الخاص والمستوردين إلى الدولار من السوق الرسمية.
وترتفع أسعار الذهب تبعًا لارتفاع سعر صرف الدولار المحلي، إذ يتم تسعيره عالميًا بالدولار، فقد لجأ العديد من المواطنين والمستثمرين إلى الذهب والدولار كملاذات آمنة في مواجهة تآكل قيمة الليرة.

• يشدد محمد على أن الحلول تحتاج إلى إصلاحات اقتصادية عميقة، عبر تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد
• جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدعم الاقتصاد السوري
• تبني سياسات نقدية أكثر مرونة وشفافية لمواجهة الفجوات السعرية وضبط السوق الموازية

ويشير ارتفاع الذهب إلى مستويات غير مسبوقة، مع تجاوزه 3945 دولارًا للأونصة، مستفيدًا من التوترات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتأجيل إصدار بيانات التوظيف الأمريكية، مما يعكس حالة من عدم اليقين تضاف إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه سوريا.