اختراق كمومي.. جامحة قناديل البحر تتحوّل إلى حواسيب حيوية داخل الخلايا

نجح فريق جامعة شيكاغو في تحويل بروتينات قناديل البحر إلى كيوبتات كمية، ما يمثل إنجازًا ثوريًا في عالم البيولوجيا والفيزياء. تعد هذه البروتينات الحيوية أدوات فعالة لرصد الإشارات الخلوية بدقة فائقة، مما يمهد لتطوير أجهزة استشعار طبية متقدمة قادرة على كشف العمليات الحيوية بشكل لم يسبق له مثيل، ومؤشرًا إلى مستقبل واعد في مجال الطب الكمي والتشخيص.

كيف يُحدث تحويل بروتينات قناديل البحر إلى كيوبتات كمية نقلة نوعية في أجهزة الاستشعار البيولوجية

في خطوة تبدو وكأنها من عالم الخيال العلمي، أعلن فريق بحثي من جامعة شيكاغو عن تمكنه من تحويل بروتينات مضيئة مأخوذة من قناديل البحر إلى وحدات معالجة كمية تُعرف بالـ«كيوبت». هذه القفزة العلمية تُفتح آفاقًا جديدة أمام أجهزة استشعار قادرة على متابعة الإشارات الكهربائية والمغناطيسية على مستوى الخلايا بدقة عالية، مما يمثل نقطة تحول في مستقبل الطب والتقنيات الحيوية الحديثة، ويرسم خارطة جديدة للتفاعل بين الطبيعة والتكنولوجيا.

تعتمد هذه التجربة على بروتينات فلورية طبيعية تمتاز بتألقها الخاص الذي يمنحه لها جزء صغير يعرف بالفوروفور (fluorophore)، وهو قادر على الدخول في حالة «ثلاثية ميتا-مستقرة» تسمح للإلكترونات بالاصطفاف في حالة كمومية تُدعى بالتراكب. باستخدام جهاز ميكروسكوب متطور، استغل الباحثون هذه الخاصية لبناء كيوبت حيوي يمكن التحكم به بسهولة، ما يبين كيف تجمع هذه التقنية بين خواص طبيعية تطورت عبر ملايين السنين والفيزياء الكمية الحديثة.

دور البروتينات الكمية في رصد العمليات الحيوية بدقة عبر الكيوبتات الكمية لبروتينات قناديل البحر

تبرز أهمية تحويل بروتينات قناديل البحر إلى كيوبتات كمية في قدرتها على ملاحظة أدق السلوكيات الحيوية، مثل النبضات الإلكترونية التي تتحكم في انثناء البروتينات أو اندفاع التفاعلات الكيميائية الدقيقة داخل الخلايا. وهذا يوفر للعلماء نافذة فريدة على الواقع الخلوي في الوقت الحقيقي، مما يفتح آفاقًا واسعة لتقنيات تصوير طبي متقدمة تساعد في الكشف المبكر عن الأمراض، وكذلك متابعة حركة الأدوية داخل الجسم بدقة متناهية.

يمثل هذا التقدم تحولا هامًا من مجرد إثبات الفكرة إلى احتمال تطبيق هذه التكنولوجيا في المجال الطبي، الأمر الذي يرفع التوقعات لما يمكن أن تحققه البيولوجيا الكمية للطب في المستقبل القريب.

التحديات الحالية وآفاق التطور لتقنية تحويل بروتينات قناديل البحر إلى كيوبتات كمية في الطب والتشخيص

رغم الحماس الكبير للتطورات التي قد تحملها تقنية تحويل بروتينات قناديل البحر إلى كيوبتات كمية، إلا أن التعقيدات التقنية ما تزال تشكل عائقًا مهمًا؛ إذ تحتاج هذه البروتينات إلى تبريد شديد يصل إلى 175 كلفن (أي نحو 98 درجة مئوية تحت الصفر) للعمل بكفاءة عالية، وعند درجة حرارة الغرفة تتراجع دقة الاستشعار وعمر الحالة الكمومية بسرعة كبيرة. كما أن حساسيتها لا تزال أقل من حساسات متطورة أخرى مثل الأجهزة المبنية على الألماس النانوي.

يمثل هذا فارقًا بين الإنجازات المخبرية وإمكانات الاستخدام الفعلي في التطبيقات الطبية أو التشخيصية.

  • التبريد إلى درجات منخفضة جدًا شرط أساسي
  • انخفاض دقة الاستشعار عند درجات الحرارة العادية
  • التراجع السريع لعمر حالة التراكب الكمي
  • حساسية أقل مقارنة بتقنيات أخرى مثل الألماس النانوي

مع ذلك، يأمل الكثير من العلماء أن يكون هذا المشروع بداية لعلم جديد يجمع البيولوجيا والفيزياء الكمومية، حيث يتيح إدخال الكيوبتات داخل الكائنات الحية فهم العمليات البيولوجية من منظور ميكانيكا الكم، مع إمكانية تغيير نهج البحث العلمي في الطب والبيئة وعلوم المواد تدريجيًا.

العنصرالتحدي الحالي
درجة التبريد175 كلفن
دقة الاستشعار عند درجة حرارة الغرفةتنخفض بشكل ملحوظ
الحساسية مقارنة بالألماس النانويأقل

إذا نجح الباحثون في تطوير نسخ من هذه البروتينات تعمل عند ظروف الغرفة وبحساسية محسّنة، فإن ثورة تكنولوجية قد تحصل في أدوات التشخيص والعلاج، بل وربما في كيفية إدارتنا للعمليات الحيوية في أجسامنا. وهذا يبرز أن هذا الاكتشاف اليوم ليس حلولًا سريعة، بقدر ما هو خطوة تأسيسية تعيد تعريف العلاقة بين الحياة والتكنولوجيا، مع بدايات واضحة لفصل جديد في تلاقح الفيزياء مع الأحياء؛ إذ بدأ مسار جديد صار ممكنًا بعدما كانت فكرة الطب الكمي أو الاستشعار الكمي داخل الجسم مجرد حلم بعيد.