أزمة ملحوظة.. أرقام تكشف حجم تحديات الصحة والتعليم في المغرب

شهدت مدن مغربية عدة احتجاجات جماهيرية مؤخرًا تركزت على مطالب إصلاح منظومات الصحة والتعليم، حيث رفع المتظاهرون شعارات مثل “الصحة أولا ما بغيناش كأس العالم” و”لا صحة لا تعليم، هذا مغرب الله كريم”، معتبرين تلك القطاعات من الأولويات الوطنية التي تحتاج إلى اهتمام حكومي فعّال. هذا التفاعل الجماهيري جاء على خلفية تدني الخدمات وغياب تطوير ملموس، مما أشعل شرارة احتجاجات شملت مدن الرباط والدار البيضاء وطنجة وغيرها.

انعكاسات الاحتجاجات على مستقبل إصلاح منظومات الصحة والتعليم

تعد الاحتجاجات بمثابة إنذار واضح على الحاجة الماسّة لإعادة النظر في سياسات الحكومة تجاه منظومات الصحة والتعليم، إذ أكد رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني أن الوضع الاجتماعي مقلق بسبب ارتفاع معدلات البطالة، ودعا إلى تبني حوار صريح وإجراءات فعالة لتجاوز هذه الأزمات. من جانبه، أشار رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي إلى التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع الصحة، ومنها وجود لوبيات تعرقل الإصلاحات، مؤكدًا أن الهيكلة الجديدة تحتاج إلى وقت لتظهر نتائجها. ورغم تصريحات رئيس الحكومة عزيز أخنوش بإنجازات في مجال الصحة، فإن الاعتراف بوجود مشاكل بعد وفاة نساء حوامل في أغادير يبرز الحاجة لتدخلات أعمق وأسرع.

مؤشرات هامة تكشف واقع منظومات الصحة والتعليم في المغرب

تجسّد الأرقام والإحصاءات المستويات الحقيقية التي وصلت إليها منظومات الصحة والتعليم، حيث بلغت ميزانية القطاعين 118 مليار درهم لعام 2025، تمثل 16.4% من الموازنة العامة، مع توجه لزيادة الإنفاق في السنوات الأخيرة. في قطاع التعليم، يصل عدد التلاميذ في التعليم الأساسي إلى أكثر من 8 ملايين، بينما يعاني حوالي 12% من الأقسام الإعدادية والثانوية من مكتظّات تلاميذ عالية خاصة في ضواحي المدن؛ مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم. أما التعليم العالي، فيضم نحو مليون ومئة ألف طالب موزعين على 12 جامعة، مع نسبة منخفضة من الخريجين العاملين في تخصصاتهم، مما يعكس ضعف التطابق بين الدراسة الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل.

في قطاع الصحة، الميزانية تنمو تدريجيًا لتصل إلى 32.6 مليار درهم في 2025، وتشمل 6 مستشفيات جامعية وآلاف المؤسسات الصحية، لكن نسبة الأطباء إلى السكان (0.43 لكل ألف نسمة) دون المتوسط العالمي بكثير، مما يزيد من الضغط على منظومة الرعاية الصحية. هذه المؤشرات وضعت المغرب في مراتب متدنية على مؤشرات الرعاية الصحية وجودة التعليم العالمية، مما يعكس عمق التحديات التي تواجهها هذه القطاعات الحيوية.

المؤشرالقطاعالقيمة لعام 2025ملاحظة
ميزانية القطاعالصحة والتعليم118 مليار درهمتمثل 16.4% من الميزانية العامة
ميزانية التعليمتعليم86 مليار درهم12% من الميزانية العامة
عدد التلاميذتعليم8.27 مليونالتعليم الأساسي
نسبة الأطباءصحة0.43 لكل ألف نسمةأقل من المتوسط العالمي 1.72
عدد المستشفيات الجامعيةصحة6تخدم قطاع الصحة الحكومية
رتبة التعليم في مؤشر المعرفة العالميتعليم98 عالميًامن بين 141 دولة
مرتبة الرعاية الصحية عالميًاصحة94 من 99 دولةمؤشر عام 2025

الأسباب العميقة وراء الاحتجاجات: البطالة وتداعيات الفقر على منظومات الصحة والتعليم

تُعد أزمة البطالة والفقر من أهم المحركات التي دفعت الشباب المغربي إلى الاحتجاج، حيث يشير رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري، إلى شمول الأزمة الطبقات المتوسطة التي باتت تشعر بضغط غلاء المعيشة وتردّي الخدمات الأساسية، ما زاد من حالة الغضب الشعبي. مع معدل بطالة يناهز 12.8% وفق بيانات حكومية، وتفاوت كبير في نسب الفقر بين المناطق الحضرية والريفية، أصبحت الحاجة لإصلاحات جوهرية في التعليم والصحة واضحة ضرورة.

وتؤكد التقارير أن قطاع العمل يعاني من ظاهرة “نقص الشغل” مع انتشار العمالة غير الرسمية، مما ينتج عنه ضعف الحماية الاجتماعية وقلة فرص العمل اللائق. أيضًا، يعاني طلبة التعليم العالي من ضعف ملاءمة مهاراتهم لسوق العمل؛ إذ يعمل 40% في مجالات غير مرتبطة بتخصصاتهم، بينما تبقى نسبة كبيرة دون عمل. كل هذه العوامل مجتمعة تؤكد الترابط الوثيق بين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وبين حالة منظومات التعليم والصحة في المغرب، مما يعكس الحاجة الملحة إلى معالجة متكاملة ومستعجلة.